الرابع: مفهوم الحصر:

حكم: الحصر في هذا العلم يعنون به أحدى معنيين: فمنها القصر المعروف في البلاغة إما قصر الصفة على الموصوف نحو (لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذوالفقار) أو بالعكس نحو [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ](1)، [إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ](2).
ومنها: الاستثناء وبقية أداوت الحصر.
وحكمه حسب أدوات الحصر: فمنها:
أ- إلا: وهي على ثلاث معاني فهي إما صفة بمعنى غير أو استثنائية أو أداة حصر بعد النفي فإذا قلت (في ذمتي عشرة دراهم إلا درهم) بالضم فهي صفة ولا مفهوم لها إذا أثبتت العشرة وليس وراؤها بشيء وأن قلت إلا درهماً بالنصب فهي استثناء والاستثناء يعتبر منصوص على خلاف العشرة وهو المفهوم يعمل عليه للنص.
وإما الحصر بعد النفي مثل (لا صلاة إلا بطهور) أو (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) فهو استثناء نعمل به على النص وأن دل على اللزوم مثل نص الطهور بطلت الصلاة بدونه وأن دل الدليل على عدم اللزوم كالصلاة بغير المسجد فلا تبطل الصلاة.
تنبيه: لو كانت إلا: بعد النفي مثل ليس في ذمتي عشرة (دراهم إلا درهم) حملت على الاستثناء وهو الأصل في إلا فيثبت درهم واحد ولو حملت على الوصفية فقد انتفت كل ما في الذمة فليس في ذمتي شيء.
ب- إنما: للحصر مثل إلا فلها مفهوم فيسقط الموصوف عند انتفاء الوصف.
ج- بل: للإضراب وهي على ثلاثة وجوه فهي إما للدلالة على الغلط السابق المبدل وإثبات اللاحق فحكم مفهومها تابع للمثبت فإن كان شرط ثبت المفهوم مثل قولك: أوصيت إلى أحمد كذا بل أن أشرف احمد على اليتامى فله كذا.
وأن كان وصفاً أمكن له الوصف وأن كان لقباً كما سيأتي فلا مفهوم له.
وإما للدلالة على التأكيد مثل زيد عالم بل فقيه أو زيد مجتهد بل مجتهد كبير وهذا من قبيل الوصف أيضاً.
وإما للدلالة على الردع والزجر مثل قوله تعالى [أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ](3). ومثلها [ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ](4) وهذا الردع منهم للرسل ظلما وافتراء.

أدوات أخرى تدل على الحصر: مثل تقدم المفعول [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ] ومثل تعريف المسند إليه بال (العالم فلان) وكيف كان فالحصر نص بالمفهوم وأن عدمه عدم.


(1) آل عمران: 144.

(2) الرعد: 7.

(3) المؤمنون:23/ 70.

(4) الأنبياء:21/ 5.