الاقوال في فقد المجتهد المقلد بعض الشرائط:

القول الأول:
حكم:- هذه الاقوال تدور حول ما افتاه المفتي في حال الكمال واما ما افتاه في حال النقص فمسلم عدم صحته والكلام انما هو في ما افتاه في حال الكمال والاستقامة.
1- وجوب العدول عند الفقد مطلقاً.
2- جواز البقاء مطلقاً.
3- التفصيل بين الاعلمية إذا فقدت يجب العدول عنه وبين غيرها فلا يجب.
4- التفصيل بين المفتي فقط فيجوز البقاء على فتواه وبين المرجع المتصدي لأدارة المسلمين فلا يجوز البقاء على فتواه.
5- التفصيل بين زوال الاجتهاد فهو مثل الموت وينبغي ان يكون من الاقوال بحرمة العدول بناء على وجود القول في اصل التقليد بعد حصوله لمجتهد معين.
القول الأول: ا- الاجماع ادعاه الشيخ الانصاري (رحمه الله) وهو ان قصد بطلان التقليد بالمسائل الحادثة بعد النقصان فهو ثابت وقد سلمناه والا فلا وجه ولا وجود له.
2- اطلاق روايات الشروط تدل على الحدوث والبقاء مثل ما فيه تفسير العسكري(ع) (.. صائن.. فللعوام..)(1) ومثل ابن سويد عن الكاظم(ع) (لا تأخذن معالم دينك من غير شيعتنا)(2) (وحديث الامام العسكري(ع) خذوا ما رووا وذروا ما رأوا) ورد أولاً بضعف اسنادها جميعاً واجيب بأعتمادها ونقلها في الكتب المتعهد فيها بالعمل عليها مع ثبوت صحة تفسير العسكري والاحتجاج كما مر وشرطية الايمان في اكثر من مصدر مما يقوي الرضوي في اشتراطه التشيع.
ورد ثانياً- ان ظاهر الروايات أو منصرفها بمناسبة الحكم والموضوع والمرتكز العقلي والعرفي اهمية وجود الشروط حدوثاً وبه يقدر صحة الحكم الشرعي.
وثالثاً- قوله (فللعوام ان يقلدوه) معناه الرجوع إلى من جمع الشرائط ابتداء فالاستمرار على التقليد لا يعتبر تقليداً وانما هو استمرار لما حدث والرواية تقصد الشروع في الرجوع ولا تعني بأستمرار العمل بما رجع به.
ورابعاً- حديث خذوا بما رووا


حكم:- قال السيد الخوئي (رحمه الله): أنها ضعيفة لجهالة حال ابي الحسين بن تمام وعبد الله الكوفي فلا يمكننا الاعتماد عليها ابداً فلم يثبت ان هذا الكلام قد صدر عن ابن روح حتى يقال أنه ينقله عن العسكري (رحمه الله))(3) ورد بما في تهذيب المقال في حنضلة بن زكريا قال: ورواية مثل ابن تمام عنه تشير إلى منزلته) أي علو منزلته وكذلك في الذريعة قال (لأبي الحسين بن تمام كتاب: موضع قبر امير المؤمنين(ع))(4) مما يدل الاحترام والكلام في قوله(ع): (ذروا ما رأوا) احتمال يقصد آراءهم الفاسدة وهو الظاهر والذي صدرت بعد الفساد واما آراؤهم الفقهية قبل فساد العقيدة فلا يمكن ان تترك وينهى عنها الامام(ع).
وخامساً- ان الاخذ بقول المجتهد في حال كماله يطلق عليه أنه قلد من اجتمع فيه الشروط لأن المشتق حقيقة فيما تلبس بالمبدأ.
3- عن السيد ابي الحسن.. خروجه عن اهلية المرجعية فلا يجوز الاستناد اليه ومقتضاه بطلان لأستمرار على تقليده والا كان عملاً بغير الرأي أو برأي غير الفقهية أو برأي الفقهية غير العادل).
ورد بالاشكال بالصغرى: ان المكلف اخذ الفتوى من فقهية جامع الشرائط والمعلوم أنه كانت صلاحيته حينئذ فالتعبير بأنه اخذ الفتوى من غير العالم ليس بدقيق وحين عمل بها عمل بحجة شرعية وان كان المفتي اصبح غير مفت شرعي حين يفتي بفتأوا جديدة متأخرة عن وقت الارتداد والنقصان.
4- ان فقده لبعض الشروط يوجب الشك في حجية فتأواه والشك موضوع لعدم الحجية وفيه: ان هذا ليس الشك الساري فأن المكلف لا زال يعلم ان الفتوى التي بيده افتاها صاحبها حين استقامته وهو يقين عنده فإذا حكم باليقين فكل شك لاحق محكوم بالعدم وهذا الاستصحاب شامل لموضوع الحجية والمسالة الفرعية التكليفية من وجوب وتحريم وغيرهما تنجيزياً إذا كان قد عمل بالفتوى في حال استقامة مفتيها وتعليقياً إذا كان لم يعمل وانا ما دامت لا اعير لبدن المفتي اهمية عاش أو مات أو جن أو فسق أو كفر ففي كل وقت اخذ المكلف الفتوى الصادرة عن المفتي الحي الكامل يعتبر آخذاً بحجة شرعية سواء بقي المفتي حياً كاملاً ام لا وسواء أنه قلد واخذ الفتوى حين الكمال أو النقصان.


القول الثاني:
حكم:- 1- القول الثاني هو جواز البقاء وعدم وجوب العدول مطلقاً عن كاشف الغطاء وابنه وصاحب الفصول ودليله: بناء العقلاء في المعاملات والعبادات مثل الانسان إذا نذر في حال العقل ثم جن اخرج من ماله أو آجر عقاراً ثم كفر أو جن أو نسي بقي العقار مؤجراً شرعاً وعرفاً.
2- ما دل على الرجوع إلى العلماء يصدق على رجوع هذا المكلف.
3- الاستصحاب كما مر آنفا.
4- دليل بقاء الاكوان ما ثبت دام بقرينه الاقلاع.
5- ادلة تحريم العدول للقائل بها جارية هنا مؤيدة لجواز البقاء.


القول الثالث:
حكم:- القول الثالث بجواز البقاء على تقليد الذي فقد بعض الشروط إذا اخذها من فتاواه حال استقامته وهذا التفصيل بين الاعلمية وغيرها إذا فقدها وصار أو كان غيره اعلم فيجب العدول إلى الاعلم وبين فقد الايمان أو العقل أو العدالة أو الاجتهاد المطلق فلا يجب العدول.
ووجهه وجوب العدول عن غير الاعلم: إذا قلنا بوجوب تقليد الاعلم وقلد غير الاعلم أو قلد الاعلم وبعد ذلك صار غيره اعلم وجب العدول إلى الاعلم فمثله ما لو كان اعلم ونسي فصار غيره هو الاعلم اما إذا كان عادلاً ثم فسق أو مؤمناً ثم ارتد أو عاقلاً ثم جن أو فقد الاجتهاد فأنه يصبح فاقد الشروط ولكن فتاواه فتأوى جامعة الشرائط وفيه أولاً ان هذا كان حين افتى هو الاعلم وفتواه لا زالت هي فتوى الاعلم وليس مثل إذا افتى وهو متسأوي مع الاخرين ثم صار غيره اعلم وعليه فلا فرق بين ضياع الاعلمية أو الاجتهاد أو العدالة أو الايمان فأنها فتوى من تام الشروط ومن عجيب الامر ان هذه التعقيدات لا يقولونها في الذي مات اذ يقولون يجوز البقاء أو يجب مطلقاً أو إذا كان الميت اعلم فما عدا مما بدى والموت اشد من بقاء البدن مجرد تغيير بعض الصفات واعجب من ذلك ان هذا القائل اهتم بالاعلمية التي لم يرد فيها حديث وانما هي احتمالات جمعوها في نصوص من مضامين اخرى على الايمان والعدالة والعقل اللواتي استفاضت فيها الادلة والنصوص.


القول الرابع: وادلته
حكم:- وهو التفريق بين المرجع المفتي فقط كسائر الخبراء في الزمان وبين مرجع المسلمين إذا فقد شروط الفتوى والمرجعية فيلزم العدول وعدم اتخاذه زعيماً للمسلمين اقول: اما المرجعية للمسلمين والزعامة الدينية فأنها سقطت بسقوط الشرط أو الشروط واما مجرد الفتوى والميل اليه من حيث اخذ الفتوى فمختلف فمن الفسق أو الارتداد عن الايمان إلى الخلاف أو الكفر فربما يستوجب الهجران والابتعاد عنه بمقتض الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وحرمة الركون إلى الذين ظلموا أو إلى الكافرين والمرتدين واما النسيان وذهاب الاجتهاد المطلق أو الاعلمية فأنه تقبل فتواه السابقة وما بقي لديه من الفتوى اللاحقة ويمارس الامور الحسبية كمرجع مفتي بمقدار اجتهاده ان لم يكن جنون مطبق مسقط لتصرفات العقلاء.


(1) تفسير العسكري 300

(2) الوسائل 11/43 صفات القاضي

(3) الصلاة للخوئي (رح) 1/151

(4) الذريعة 16/160