التخيير نتيجة التحير:

حكم:- قالوا من ان موضوع التخيير هو سبب تحير الشخص بين وجوب هذا في ذمته في واقع الشرع ووجوب الاخر فلما التزم بأحدى الفتويين فقد سقط تحيره وتعين العمل بما اختار.
والجواب: بل باق على التحير وذلك لشكه بالذي التزمه أنه الواقع ام لا؟ فإذا لم يكن الواقع فأنه ياتي يوم القيامة ويقال له انك لم تصل ولم تصم ولم تحج ولم ترك إذ فعلت خلاف الواقع فبعد التزامه لا يجعل الواقع هو الذي التزم به الا على فتوى المصوبة وأيضاً أنه بعد تقليد احدهما يشمل الحديث (فللعوام ان يقلدوه) للمرجع الاخر.
وقال في المستمسك: ان استصحاب الفتوى المختارة وتعينها من الاستصحاب التعليقي لـ(ان مرجع التخيير الثابت سابقاً إلى ان العاصي لو اختار أي واحد منهما ابتداء كانت فتواه حجة عليه فيستصحب هذا الحكم التعليقي بعد تقليده لأحدهما وهو يعتبر هذا الاستصحاب بأستصحاب عدم الحجية الثابت قبل اختياره لكليهما).
قول: ان الادق ان نقول ان استصحاب عدم الحجية حاكم على الاستصحاب الثاني نعم ان كل واحدة من الفتويين حجة شرعية ولكنه ما دام لم يلتزم ويعمل فلا تكون له ولا عليه.
الثاني من ادلة جواز العدول من الحي إلى الحي مطلقاً: الاطلاقات.


حكم:- ان الاخذ بأطلاقات جواز رجوع العوام إلى العلماء تشمل من عمل بفتوى عالم ومن لم يعمل ورد بأن الاطلاق نقول به بعد ثبوت ان المولى في مقام بيان هذه الجهة فإذا شككنا بشيء حملنا الجهات إلى الاجمال فلم ينعقد اطلاق
واجيب الرد: بأن المولى لم يكن في مقام الاهمال والاجمال ولا معنى لطوي هذه الجهات المهمة واجمالها ومقدمات الحكمة ترفض الاجمال.
قال في الكفاية: بقي شيء وهو أنه لا يبعد ان يكون الاصل فيما إذا شك في كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد: هو كونه بعدد بيأنه وذلك لما جرت عليه سيرة اهل المحأورات من التمسك بالاطلاقات فيما إذا لم يكن هناك ما يوجب صرف وجهها إلى جهة خاصة ولذا ترى المشهور لا يزالون يتمسكون بها مع عدم احراز كون مطلقها بصدد البيان)(1).
وبالجملة: فأن الاهمال والاجمال خلاف وضع العام وخلاف الاصل العقلائي في المطلق فلا يصار اليهما الا بقرينه وقد اختلف عن ان المطلق في قوة العام في دفع المعارض والمزاحم كما هو المشهور أو أنه اقوى كما عن الشيخ الانصاري (رحمه الله) وقال إذا كان احد الدليلين عاماً والاخر مطلقاً يقدم العام على المطلق)(2) وهذا هو الاقرب فيما إذا تعارض اذ العموم نص بينهما الاطلاق اصل والعام شمولي والمطلق بدلي.
الدليل الثالث: بناء العقلاء:


حكم:- من المعلوم ان التقليد طريقي محض العقلاء إذا خيروا بين طريقين يسلكونها فأختاروا احدهما في مرة لا يمنعون عن العدول إلى الاخرى في مرة اخرى ان قلت ان بناء العقلاء في اصل التقليد فمضى بالايات والروايات واما في الجزئيات كمسألة العدول فلم يحرز فيها الامضاء الشرعي.
واجيب: حيث ان طرف الاطاعة والمعصية عقلائية فلا حاجة إلى الامضاء ان قلت ان بناء العقلاء لا يكشف عن حكم شرعي وجواز العدول أو عدمه هو حكم شرعي قلت ان بناء العقلاء يكشف عن موضوع الحكم الشرعي.
وبالجملة: ان التخيير إذا كان بجعل شرعي كالاستصحاب والاطلاق والعموم أو عرفياً عقلائياً انتج جواز العدول من الحي إلى الحي اما إذا كان عقلياً بملاك قبح الترجيح بلا مرجح والاصح قبح الترجح بلا مرجح لأن الترجيح سبب التخيير لا يكون قبيحاً فإذا كان التخيير عقلياً فنفس الادلة لتقليد احدهما اجازت تقليد الاخر.


(1) البيان 1/364 عن كفاية الاصول 248 ط آل البيت(ع) قم

(2) فرائد الاصول 1/605