حرمة العود:

حكم:- استدلوا على حرمة العود إلى الميت بوجوه.
1- بالاجماع ورد صغرى وكبرى بأن المسألة حدثت بالعصور المتأخرة الا ان يقصد بالأولوية من حيث نقل الاجماع بحرمة العدول من الحي إلى الحي فالعدول إلى الميت أولى بالمنع وسيأتي عدم الاجماع في العدول من الحي أيضاً.
2- الدوران بين التعيين والتخيير.
وفيه وقد ابطلنا التقديم اصالة التعيين وهنا أولى بأجازة العود إلى الميت وذلك لأن المكلف حين قلد الذي مات تعين في ذمته تقليده فلما عدل عنه لم يتعين الذي عدل اليه لسبق تعين الأول فلما عاد فقد ادعى حق تعين الأول.
وثانياً- لعل التعيين يكون للميت من حيث أنه أورع واتقى واعلم أو قوله موافق للاحوط أو للمشهود أو موافق للاعلم من الحي وهكذا.
وثالثاً- ان فرض التعيين انما يحتمل على القول بالتخيير واما إذا قلنا عند التعارض التساقط فلا تصل لنوبة التعيين
3- الاستصحاب: فأنه لما قلد الحي استصحب حكمه وموضوعه فلا يجوز ان يعدل إلى الميت عنه.
وفيه: ان هذا الاستصحاب مسبب من العدول الأول والاستصحاب لحجية فتوى الميت حين كان مقلد اسبق على هذا الاستصحاب فلا وجه للتمسك بهذا الاستصحاب.
وان قلت: ان استصحاب حجية فتوى الحي تنجيزي لأن زمأنه متصل بأرادة العدول الثاني فله ان يمنعه من العدول الثاني أي إلى الميت واما استصحاب فتوى الميت فهو تعليقي أي غير متصل زمأنه بزمان ارادة العود لأنه انفصل بالعدول الأول.
قلت: أولاً لم يثبت عدم حجية التعليقي وثانيا يمكن ان يكون تنجيزي أيضاً وذلك عند عدوله إلى الحي لم يعمل شيئاً مختاراً بفتوى الحي ثم اراد العود فبهذا لم يبعد عنه حجية فتوى الحي حتى يكون استصحابها تعليقي هذا وبلحاظ الاستصحاب واما بلحاظ طلب تطبيق الواقع فالبقاء على فتوى واحدة والرجوع اليها عند مفارقتها أولى برجاء تطبيق الواقع من التقلب بين الفتأوى والتخالف بالعمل.
4- لزوم التلاعب إذا اجزنا العود وخصوصاً إذا تكرر العدول من الميت إلى الحي ثم العود إلى الميت وهكذا.
ورد: نقضاً بأجازة العدول بين الاحياء اما بتسأويهم واما بعدم اشتراط الافضلية فيوم قلد هذا فصلى قصراً واخر قلد اخر فصلى تماماً وهكذا.
وحلاً- بأن هذا من نتائج تعدد الحجج والتخيير بينها ولا اشكال فيه هذا كله فيما إذا كان الفتويان مختلفتين واما إذا توافقا فلا اشكال اذ المهم هو العمل وإذا كان قول الميت احوط أيضاً فلا اشكال بالعود اليه ولو من جهة جواز ترك التقليد إلى الاحتياط.

 

حكم:- ويلحقه تنبيهات
1- أوجب بعضهم البقاء إذا كان الميت اعلم وكان المكلف ذاكر الفتأواه أو اجاز وواجب العدول إذا كان الحي اعلم أو نسي المكلف فتوى الميت أو اجاز العدول حينئذ فيتبع كل مقلد من يختار تقليده بالبقاء أو العدول.
2- قلنا ان التقليد هو العمل ولا اعتبار بالالتزام فإذا التزم بفتوى حي ثم مات وهو لم يقلد الميت وإذا عمل بفتوى الميت ثم التزم بفتوى الحي ولم يعمل فلم يقلد الحي وله ان يبقى على الميت هذا على مبنانا واما من قال أنه الالتزام فايعتبر هذا تقليداً وانتقالاً.
3- إذا عدل إلى الحي ثم رأى فتواه حرجة عليه فأن كان إلى حد العسر والحرج المسقطين للتكليف فلا اشكال بجواز الرجوع عندهم واما عندنا فيجوز حتى مع عدم الحرج وإذا لم يكن الحرج شديداً فلعلهم يمنعون كما عليه العروة.
4- إذا مات مقلده فكان قد عمل ببعض الفتأوى ولم يعمل بالاخرى فالمسائل التي لم يعمل بها تعتبر لم يقلد فيها فله ان يقلد الحي ولا يعتبر عدولاً على مبنانا ويعتبر عدولاً عند من يقول ان التقليد هو الالتزام مع العمل بالبعض.

 

المسألة الثانية العدول من الحي إلى الحي (1)#1
حكم:- اختلفوا في جواز العدول من الحي إلى اخر وعدمه
1- جوازه مطلقاً وهذا ما نحن عليه.
2- عدمه مطلقاً.
3- ما الالتزام به وعمل فلا يجوز العدول وهذا ما نفضله ونكره العدول.
4- الفرق بين تسأويهما في العدالة والعلم فيجوز وبين فضيلة الأول فلا يجوز وهذا ما عليه العروة ولعل الاغلب من المعاصرين.
الأول: للعلامة والمحقق والشهيد الثانيين والشيخ ضياء العراقي والسيد الشيرازي في موسوعة الفقه وتردد جماعة وادلتهم: 1- الاستصحاب: ان كلا الفقيهين كانت حجة قبل ان يقلد احدهما وهي باقية.
أ- ورد: باستصحاب الحكم بالمسالة الفرعية مثلاً إذا قلد من يقول بوجوب صلاة الجمعة وصلاها مرة من الزمان ثم اراد العدول إلى من يقول بوجوب الظهر فأنه يستصحب حجية الجمعة في ذمته فلا يجوز العدول.
ب- واجاب هذا الشيخ الانصاري (رحمه الله) بحكومة ىاستصحاب التخيير في المسألة الاصولية على استصحاب الحكم الفرعي لأن الاصل سبب والفرعي مسبب والسبب متقدم
أ- وأورد عن الانصاري (رحمه الله) بأن الاستصحاب الاصولي مثبتاً وهو لا يقأوم الاستصحاب للحكم الفرعي والشرعي فكيف يكون حاكماً عليه وذلك: لأن الملازمة بين بقاء الحجية التخيرية بين الثاني والأول وعدم تعيين الأول انتجت ملازمة عقلية وهي عدم اجتماع الضدين وليس هذه الملازمة من الاثار الشرعية فلا يلتزم ولا يستدل بها على بقاء الحكم الشرعي
ب- ورد: نقضاً: ان هذا الاشكال وارد في كل تعارض استصحاب اصولي وفرعي.
وحلا: انا لا نقصد بأستصحاب التخيير اثبات عدم التعيين حتى يكون لازماً عقليا غير منتج لحكم شرعي بل نريد ابقاء التخيير المعلوم من الأول على ما هو عليه قبل تقليد احدهما ولهذا الاستصحاب اثره الشرعي وهو جواز تقليد أي واحد منهما مع ان هذا المستشكل يقر في تقريراته في علم الاصول بوقوع التعارف كثيراً وحكومة الاستصحاب الاصولي على الاستصحاب الفرعي.
وبالجملة: ان القول ان الحكم الفرعي الذي صدرت الفتوى على طبقه الذي اختارها المكلف لا يتعين بأختياره وانما يبقى المكلف محيزاً بينه وبين الحكم الاخر لعلماء اخرين نعم إذا ظهر أنه الواقع الشرعي فقد تعين لأنه هو المطلوب والا لأصبح المكلف مشمولاً لقوله تعإلى[لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً.... فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ..](2).
وقال تعإلى[مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ](3).
ومن زعم بأن الحكم الشرعي يتعين فقد امكن ان يخالف الواقع الشرعي لعدم العلم بأن المختار هو الواقع.
والحاصل: ان المستصحب اما حجية الفتوى المختارة أو الثانية غير المختارة للمكلف فأنه يتحقق التعارف ولا معن لتعيين احد المتعارضين لأنه تقول على الواقع ولا كليهما لأن التخيير بين المعينين لا يصح للعلم الاجمالي ببطلان احد التعيينين لطريقية الفتوى وان الفتوى ليست هي الواقع وقد صرحوا في بحث الاشتغال من الاصول عدم امكان جعل الترخيص في جميع اطراف العلم الاجمالي بل حتى في بعضها أيضاً لحصول التناقض ولذا ايضا قالوا بالاقل والاكثر وجوب الاقل واستحباب الاكثر كالشك في تسبيحات الركعة الثالثة والرابعة أنها 12 تسبيحة أو اربع أو خمس بزيادة الاستغفار أو ثلاث كما في بعض النصوص.


(1) في العروة م11

(2) النور 24/63

(3) التوبة 9/120