الاقوال في الشياع:

حكم:- اختلف اقوال العلماء في حجية الشياع في مختلف المواضيع وهذه المعروفة منها:
1- الحجية مطلقاً.
2- عدم الحجية مطلقاً.
3- تفصيل السيد الخوئي (رحمه الله) بين الشياع الاطمئناني وبين الشياع المفيد للعلم العادي وان النسب يثبت بالأول والوقوف والنكاح وغيرهما يثبت بالثاني.
4- ما يفيد الظن المتاخم للعلم.
5- الظن القوي.
6- الظن المطلق.
1- القول الأول هو المشهور وبعضهم صرح بعدم اعتبار مطلق الظن فيه حكم قال في المبسوط: ويقوى في نفسي في هذه المسائل أنها تثبت بالاستفاضة)(1) وفي الدروس: درس: يصام شهر رمضان برؤية هلاله أو رؤي شائعاً أو شهد به عدلان ثم قال بعد ما نفي حجية شهادة النساء في الهلال ولو حصل بهن الشياع أو بالفساق ثبت)(2).
وعن ابن فهد الحلي (رحمه الله): ولا بدمن معرفة الامام بالخبرة الباطنية أو البينة أو الشياع)(3) وعن المسالك في ثبوت الهلال (ولا بشهادة النساء أي لا يثبت بها الهلال من حيث هي شهادة وذلك لا ينافي ثبوته بهن من جهة اخرى كما لو حصل بهن الشياع فأن شياعهن معتبر في ذلك كغيرهن)(4).
المحقق الكركي في جامع المقاصد في حكم السامرة: وأنهم كاليهود أولا وكذا الصابئة وأنهم كالنصارى ام لا.
لا ريب ان التواتر وشهادة العدلين طريق إلى ذلك وكذا الشياع) وكشف الغطاء (ويكفي في ثبوت حكم المسجدية الشياع)(5).
وقال: ويكفي معرفة المسافة والفراسخ والاميال الشياع وشهادة العدلين والعدل الواحد على الاقوى)(6).
السيد ابو الحسن (رحمه الله): ويثبت كل من الأجتهاد والأعلمية بالعلم الوجداني وبالشياع بين اهل الخبرة دون العوام)(7).
وفي قضاء الجواهر: ومنه يعلم أنه لا مدخلية لمفاده (أي الشياع) الذي تارة يكون علماً واخرى متضاناً له وثالثة ظناً غالباً في حجيته وانما المدار على تحققه بل ظاهر الصحيح المزبور عموم اعتباره لغير المذكورات في المتن بل صريحه ثبوت الفسق به ولعله كذلك وان اقتصر الجماعة من الفقهاء على الامور المخصوصة)(8).
يقصد: النسب والملك المطلق والموت والنكاح والوفق والعتق وولاية القاضي). وادلتهم في ثبوت حجية الشياع.
1- بناء العقلاء على حجية الشياع غير المتهم خصوصاً إذا كان من اهل الخبرة ولذا ترى ان من شكك بأمانة امين وقد شاع امانته أو بعدالة من شاع أنه عادل وغير ذلك أنه مذموم منقود قد كرهه الناس وهجره العقلاء وكذا وبالعكس إذا مدح وائتمن بخائن أو فاسق أو عدل فاسقاً ترى العقلاء يعرضون عن خبرة ويعافونه.
2- السنة الشريفة: حكم: ورد في اعتبار الشياع عدة روايات أو ما يدل على معنى الشياع.
منها صحيح حريز: كانت لأسماعيل ابن ابي عبد الله(ع) دنانير واراد رجل من قريش ان يخرج إلى اليمن فقال اسماعيل ياأبة ان فلاناً يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دينار افترى ان ادفعها اليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟ فقال ابو عبد الله(ع) يابني اما بلغك أنه يشرب الخمر؟ فقال اسماعيل هكذا يقول الناس فقال يابني لا تفعل فعصى اسماعيل اباه ودفع اليه الدنانير فأستهلكها ولم يأته بشيء منها فخرج اسماعيل وقضى ان ابا عبد الله حج وحج اسماعيل تلك السنة فجعل يطوف بالبيت ويقول: اللهم آجرني واخلف علي، فلحقه ابو عبد الله(ع) فهزه بيده من خلفه فقال له يابني فلا والله مالك على الله هذا ولا لك ان يأجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك أنه يشرب الخمر فأئتمنه، فقال اسماعيل ياأبه اني لم اره ان يشرب الخمر انما سمعت الناس يقولون فقال(ع) يابني ان الله يقول في كتابه: (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين)
يقول (يصدق الله ويصدق للمؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم ولا تأتمن شارب الخمر)(9).
(مع ان المورد كان من الشياع)(10)
فأن الناس هنا ليس المراد به العام المجموعي وانما العام الافرادي يعني كل فرد فرد كما عن الشيخ أو العام لكل ما يصدق عليه الجمع من ثلاثة أو اربعة أو خمسة.. ولكن ما استظهره الشيخ يبعده تكرار الناس مما يدل على الجمع.
ورد: بأن استشهاد الامام(ع) بالاية ينافي الجمع لأن الاية وردت لا بشرط الجمع واجيب لعله(ع) استشهد بالاية من باب الأولوية لأنه إذا لزم تصديق الواحد لزم تصديق الجمع.
اقول بل الاستشهاد كان على الاجماع والاشارة إلى المأخذ من كتاب الله تعإلى وعورض هذا الخبر بالخبر: كذب سمعك وبصرك عن اخيك فأن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدقه وكذبهم)(11). واجيب بان هذا الخبر فيه مجموعة من المجاهيل وأيضاً هذا يدل على عدم ترتيب الاثر على قولهم في غير اللزوميات ولا يدل على تأمينه وتصديق أنه عادل خصوصاً لو كان خمسون من المؤمنون يقسمون بالله فأن بهذا يثبت اكبر الجرائم وتقام الحدود.
ومنها وسئله يونس عبد الرحمن عن بعض رجاله عن ابي عبد الله(ع) قال: سألته عن البينة إذا اقيمت على الحق ايحق للقاضي ان يقضي بقول البينة إذا لم يعرفهم من غير مسألة؟
فقال خمسة اشياء يجب على الناس ان يأخذوا فيها بظاهر الحكم: الولايات والمناكح والمواريث والذبائح والشهادات)(12)
واشكل عليه بأنه من اصحاب الاجماع ولا يكفي في تصحيح واسيله.
فعن القهرت: ان: كتب يونس عبد الرحمن التي هي بالروايات كلها صحيحة يعتمد عليها الا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس ولم يروه غيره)(13)
ورد ان كثرة الضعفاء في شيوخه يضعف ذلك.
وعن حاشية الشهيد على رسالة العدالة في ذيل مكاسب الشيخ الانصاري (رحمه الله) قال ان واسيل يونس معتبرة لأنه يروي عن (ستين شيخاً كلهم ثقات).
ورد: بأنهم واحد وسبعون بعد حذف المكررات ولم يحرز وثاقة كلهم كعجلان ابي صالح وحبيب الخزاعي وحمزة بن محمد الطيار وسنان بن طربف وصالح بن سهل وغيرهم.
3- مما استدل به على حجية الشياع: الاستقراء ولا يمثل بالقياس فأن الفرق بينهما عنواناً ومعنوناً وان الواحد والاثنين لا يسمى استقراء والموارد العشرة والعشرون لا تسمى قياساً.
واما صغرى الاستقراء: فقد مر بعض الموارد ورأينا استدلال الفقهاء بالشياع على ثبوت الهلال أو الفسق والعدالة وغيرها.
وما ورد في الاية [فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] (14).
وهي وان وردت بالائمة المعصومين(ع) ولكنها اعم يقيناً لغة وشرعاً.
فأن استقرى المؤمن سيرة واقوال اهل الذكر فسيعرف من استقرائه طريق الصواب.
وكذا الحديث الشريف في صحيح معاوية بن عمار عن الصادق(ع): يجزيك إذا لم تعرف العقيق ان تسأل الناس والاعراب عن ذلك)(15).
يعني منطقة العقيق التي يحرم منها الحاج والمعتمر.
القول الثاني: عدم حجة الشياع مطلقاً الا إذا أوجب العلم:


حكم:- ورد هذا القول عن معظم المتأخرين عن العلامة الا إذا وجب العلم فعن صاحب العروة في اجتهاد القاضي: ويثبت ذلك بالعلم الحاصل بالشياع والاستفاضة.. وهل يثبت بالشياع الظني؟ رأوى عدمه وان كان الظن الحاصل منه متأخماً للعلم وفاقاً للاكثر)(16) واستدلوا أولاً – بكل الآيات والاحاديث الناهية عن اتباع غير العلم وهو اصل متبع وفيه: قد مر ويأتي على حجية الشياع بدون التقييد بالعلم مما يدل على خلاف هذا الاصل.
وثانياً- قد قالوا بحجية الشياع بالنسب في الوقف والملك وغيرها مما يدل على اصل عدم الفرق بين اقسام الشياع.
وثالثاً- ان الاثبات بالشياع بالنسب والوقف والولاية والمناكح والاملاك والعدالة والفسق والعدالة والتثمين والهلال وغيرها.
اكثرها لا ينسد فيها العلم ويتوقف على الشياع بل يمكن الاستدلال عليها بالبينة واليد والعلم الوجداني وخبر العادل.
نعم ان غالب الانساب القديمة لا يمكن اقامة البينة عليها واشكل على حجية الشياع ثانياً – بعدم انضباط الشياع كمية ودليلاً فلا ايه ولا حديث صريح في حجيته وكيفيته.
ورد: ان الشياع سبيله سبيل غيره من الحجج له مصاديق معلومة واخرى مجهولة واخرى مشكوكة.
واما القول الثالث: والتفريق بين العلم الاطمئناني وبين العلم العادي والتفريق بين المواضيع الثابتة بهما فليس له مرجع في التقسيم الشرعي.
لأن التقسيم الشرعي هو: العلم القطعي كعلمنا بأن الله واحد وبعث الانبياء والأوصياء والقيامة والضروريات من الاحكام كوجوب الصوم والصلاة.
والثاني هو الظن الخاص الذي نستدل به على الاحكام وحجيته قد ثبتت بالكتاب والسنة في خبر الثقات والبينة ورؤية العين وقول ذي اليد وسوق المسلمين وغير مما اعتمدها الشرع والمستشرعين وبه يثبت حجية الشياع أيضاً.
والثالث: الاحتمالات غير المعتمدة الا في بعض الموارد كعدد الركعات وهو الظن العام.
والرابع ما لا احتمال فيه وهو الشك أو خلاف الاحتمال وهو الوهم


حكم:- واما تقسيم العلم فهو مبهم في عرف الفقهاء وغريب عن اسلوبهم وتعابيرهم ويعني ان العلم العادي هو اضعف من الاطمئناني.
ورد بأن العقلاء لا يفرقون بين افراد العلم ومن اين يحصل للناس الاطمئنان بنسب احد من الناس بل حتى صاحب النسب أنه لا يدري ما فعلت الامهات من امة إلى امة حواء وآدم عليهما السلام عمداً أو خطئاً وكذا الآباء الا المعصومات وما قارب المعصومات وكذا آباء وامهات المعصومين عليهم السلام واما ثبوت الاملاك فأليك الحديث.
وهو معتبرة حفص بن غياث عن ابي عبد الله(ع) قال له رجل: إذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي ان اشهد أنه له؟ قال نعم قال الرجل اشهد أنه في يده ولا اشهد أنه له فلعله لغيره؟ فقال ابو عبد الله(ع) افيحل الشراء منه؟ قال نعم فقال ابو عبد الله(ع) فلعله من غيره فمن اين جاز لك ان تشتريه ويصير ملكاً لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه ولا يجوز ان تنسبه إلى من صار ملكه من قبله اليك؟ ثم قال ابو عبد الله(ع) لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق)(17)
استدل(ع) بقياس المسأواة
والسند اما سليمان بن دأود فقد وثقه النجاشي والعلامة والكاظمي واما حفص بن غياث ففي الفهرست أنه معتمد وقال العلامة له كتاب معتمد واما القاسم بن يحيى فقد وثقه الصدوق.
واما القاسم بن محمد القمي فقال الزنجاني معتمد ووثقوه بعدة اسباب: منها: رواية صفوان وابن ابي عمير عنه وتصريح ابن دأود بوثاقته وأنه من شيوخ كامل الزيارات وغير ذلك واما باقي الاقوال فالعمدة ما ثبت بالشرع اعتباره واجمع الفقهاء هو الظن الخاص الذي قامت عليها الشهادات والاملاك والانكحة والانساب والاسباب من قبيل اليد والبنية وسوق المسلمين وخبر الثقة فأن كان الشياع يوجب هذا الظن فلا بأس والا فمشكل وباقي الاقوال ان قصدت هذا فمرحباً بالوثاق والا فمشكل.


(1) البيان 2/390 عن المبسوط 8/86

(2) الدروس 1/284

(3) الرسائل العشر 111

(4) المسالك 2/53

(5) جامع المقاصد 12/386

(6) كشف الغطاء 1/271

(7) الوسيلة 4

(8) الجواهر 40/57

(9) الوسائل ب6 ج1 الوديعة

(10) البيان 2/398 عن الجواهر 40/57

(11) الوسائل 157/4/العشرة

(12) الوسائل 22/1 كيفية الحكم

(13) الفهرست للشيخ 266 باب يونس

(14) النحل 16/43

(15) الوسائل 5/1 مواقيت

(16) تكملة العروة 2/13

(17)الوسائل 35/2 كيفية الحكم