الأول: مفهوم الشرط:

هنا المفهوم: يشترط في العمل بمفهومه أمور: 1- أن لا ينتفي موضوعه عند انتفاء الشرط المشروط فلا يكون مثل (أن رزقت ولداً فأختنه) فلا مفهوم لقولك أن لم ترزق ولداً فلا تختنه لأن عدم المقدم ينفي أمكان العمل بالتالي ومثله الآية الكريمة [لَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً]. لأن الموضوع تحققه وهو الإكراه لا يتحقق إذا لم يردن التحصن فلا مفهوم لهذه الشرطية فبقاء المقدم حين انتفاء الشرط مفروض حتى يصح العمل بالمفهوم مثل أن حضر صديقك فأكرمه) فهل لها مفهوم بأن تقول أن لم يحضر فلا تكرمه نعم أن لها مفهوم نعم أن هناك أحكام أخلاقية تمنع من العمل بالمفهوم في مثل هذا المثال ومثلاً: أن عطف عليك والداك فبرهما ولا تهجرهما. فهل يجيز الشرع أو العرف المتدين أن يقول لك أن لم يعطف عليك فأهجرهما وعقهما وآذيهما ؟ كلا ثم كلا.
فشرطية العمل بالمفهوم في كل المفاهيم أن لا يصادم العمل حكماً شرعياً لزومياً وهذا لا يمكن أن يكون فيه نقاش بين العلماء الصلحاء وإما مثل قولك أن ظهر فسق الرجل فلا تقبل شهادته فيمكن أن يكون فيها نزاع لأن التستر في الذنوب نوع من العدالة فهل إذا لم يظهر فسقه تقبل شهادته بحيث تعمل بالمفهوم أم لا ؟ الظاهر نعم لكفآية البناء على العدالة بظهور اسلامه وعدم ظهور مخالفته.
2- ويشترط بالعمل بالمفهوم أن يكون ارتباط بين المقدم والتالي مثل إذا طلعت الشمس فابدأ العمل فإن البداء بالعمل مرتبط بالطلوع وأن يكون التالي معلق على المقدم وتابع له أي إنه يكون المقدم سبباً لحصول التالي وأن يكون سببيته منحصرة فيه لا بديل له وإلا فلا عمل بالمفهوم وإنما يلجأ المكلف إلى البديل مثلاً قول الشرع إذا خفي الإذان فقصر فإن المسافر إذا خفي الإذان لا يجوز أن يقصر حتى ينتفي بديل خفاء الإذان وهو خفاء الجدران فإنه لا يصدق السفر ما دام الجدار مرئياً وكذا قول الشرع إذا طرقت العين فالذبيحة ذكية فإنه لا بد أن يرجع إلى البديل ويفتش عنه وهو تحرك الذيل والإذان مما يعلم منه استقرار الحياة بعد الذبح فإذا عدمت كل الشروط والقيود عمل بالمفهوم وهو إذا انتفى أي دليل على استقرار الحياة من ارتجاف وطرفه العين وصوت متعارف للحيوان الحي وما شابه انتفى حكم التذكية وحكم بإنه ميتة.


حكم: الشروط والقيود إن كانت متخيرة بالبدلية عطفت بأو وأن كانت متسأوية ومطلوبة كلها عطفت بالوأو مثل إذا علمنا من الشرع إنه يحكم بالسفر بأحد شرطين خفاء الجداران أو الإذان عطف الشرع بأو فإذا حصل أحدهما عملنا بالشرط وأن انتفيا كلاهما عملنا بالمفهوم أي إذا لم يختف إذان ولا جدران فلا تقصر وإما إذا كان كلاهما لازماً للقضية الشرطية فلا يكفي حصول أحدهما ولا بد ان يعطف بالواو مثل إذا خفي الإذان وخفي الجدران فقصر ومفهومه يصدق بانتفاء البعض فتقول إذا اختفى الإذان فقط فلا تقصر وإذا اختفى الجدار فقط فلا تقصر وإذا اختفى الكل فقصر.
ومن هذا القبيل قولك إذا أجنبت فأغتسل فإنه لا مفهوم لها فلا تقل إذا لم تجنب فلا تغتسل للعلم بأن أسباب وجوب الاغتسال عديدة وليس الجنابة فقط وهذا ما يسمى بتعدد الشرط وهو على نحوين فهو أما بتعدد الجزاء مثل إذا أجنبت فأغتسل وإذا مسست ميتاً فأغتسل وإذا نذرت فأغتسل و... فيحكم بتعدد الجزاء ولا مفهوم للشرط الواحد للعلم بوجود شروط أخرى لانتفاء الغسل فإن على المكلف أغسالاً بعدد الشروط إلا أن يثبت جوازاً التداخل فيغتسل غسلاً واحداً بنية الجميع كما ثبت ذلك والنحو الثاني هو تعدد الشروط والجزاء واحد كما في مثال إذا اختفى الإذان وإذا اختفى الجداران فإن الشرع لا يريد من المكلف تعدد صلاة التقصير وحينئذ لزم أن نقيد أسباب التقصير ببعضها ونجعل الجزاء على المركب من الشروط فلا نعمل بالمفهوم ما لم يتم المنطوق.