قالوا الشرط الثالث عشر الحياة(1)

حكم:- اشتهر في المرجع الحياة قال المشهور لا يجوز تقليد الميت ابتداء واختلفوا في جواز البقاء على الميت فلنمض في المسألتين بحسب ترتيب المسالة 9 في العروة قال: الا قوة جواز البقاء على تقليد الميت ولا يجوز تقليد الميت ابتداء القول:
الأول: في البقاء على الميت الجواز مطلقاً.
الثاني: وجوب البقاء إذا مات المرجع.
الثالث: عدم الجواز مطلقاً.
الرابع:يجب البقاء إذا كان اعلم وإذا تسأوى الحي والميت تخير.
الخامس: إذا عمل المكلف بمسائله يجب البقاء.
السادس: إذا كانت مسائل محل ابتلائه وان لم يعمل بها جاز البقاء وبين غيرها فلا يجوز.
السابع: بين عدم العلم بالمخالفة بينهما فيجوز البقاء وبين العلم فيجب العدول.
الثامن: بين ما لو عمل ببعض فتأوي الميت حال حياته فلا يعدل وإذا التزم ولم يعمل فيجوز العدول.
التاسع: الاحتياط بين فتوى الحي والميت.
العاشر: وجوب الاحتياط لو اختلفا بجواز البقاء وعدمه وذكر شريف العلماء (رح) اربعة اقوال اخرى.
11- وجوب البقاء الا إذا ثبت اعلمية الحي فيخير بين البقاء والانتقال وذكر تلميذه الشيخ الانصاري في تقريره في رسالة مستقلة.
12- وجوب البقاء.
13- جواز البقاء والعدول إلى الحي مطلقاً.
14- جواز العدول الا إذا اثبت اعلمية الميت فيجب البقاء.
15- وللشيخ الانصاري (رحمه الله) تفصيل وهو جواز البقاء والعدول في اعلمية الميت وعدم جواز البقاء في غيرها.
حكم:- التفصيل الذي اتبناه انا بتوفيق الله سبحأنه.
16- تفصيل الذي اتبناه وقبل ان نبحث بالاقوال والتها تشير إلى ذلك:
أولاً – لا يشترط تعيين مرجع معين فيعمل على احكام الشيعة بدون ان التعيين ميتا ولا حيا.
ثانياً – إذا قلد واحد معيناً أو جماعة فلا يلزم بما قلده وله العدول إلى اي واحدا وإلى اي فئة.
ثالثاً – ما دام لم يعمل بفتوى لم يعتبر مقلداً فإذا عدل عنه لا يعتبر عدولاً وإذا عمل فمقلد هذا المرجع بمقدار ما عمل وبقية الاحكام لمن يعتبر عادلاً.
رابعاً- إذا عدل عن مرجع جاز ان يرجع اليه سواء كان حياً أو ميتاً وكل التعقيدات والقيود التي تبنوها لا دليل مقبول لهم عليها.
خامساً- إذا عمل فالافضل والاحوط عدم العدول عملي عمله به إلى مرجع مخالف لما عمله لئلا يتخالف عمله.
سادساً- التقسيم الثلاثي الذي سلمنا للفقهاء فيه في أول هذه الموسوعة وهو التقليد والاحتياط والاجتهاد وهو عقلي وشرعي وثبت بالاستقراء التام ولا طريق غيره لتحصيل الشريعة ولكن ليس معنى التقليد الا بالعمل على طبق ما جاء برسائل الفقهاء فهذا تقليد غير مقيد بمقلد معين وهو جائز عقلاً وشرعاً لسقوط ادلة التعيين كما مر.
سابعاً – حساب الحقوق الشرعية لم يلزم على المكلف ان تجري بفتوى مقلده فقط ويحرم منها سائر خدمات الاسلام والعلماء والفقراء والمشاريع الخيرة وانما عليه ان يرى اي مرجع محتاج في تبليغه ومشاريعه الناقصة وطلابه والفقراء الذين يمونهم والكتب التي تهم قضايا الامة فيقسمها له ولسائر المهمات الشرعية ويلزم ان يراجع المراجع لأنه لم يعرف المواضع المهمة مثلهم وإذا عنده فقراء يأخذ لهم باذنهم حتى تستمر الحوزات العلمية التي تخرج علماء وخطباء يديرون دفة الاسلام لئلا يغلب المخالفون على الموالين وعلمائهم وكتبهم ومشاريعهم.
ثامناً- يلزم ان تبنى هذه المسالة(بقاء على تقليد الميت) على مسالة جواز العدول عن الحي وعدمه لأن الموت ليس حدث مخالف لأحداث البدن الاخرى (كما تنامون تموتون) فلو قلنا بأنه سبب لسقوط حجية فتواه فيلزم ان نقول بذلك في نومه أو خبله أو اغمائه أو تبنجه أو نسيأنه أو فسقه أو كفره ولا يقولون يقيناً ببعضهادليل القول الأول وهو جواز البقاء مطلقاً.
حكم:- استدلوا على جواز البقاء على تقليد الميت بامور منها الاستصحاب وهو على وجوه.
أ- الاستصحاب للحكم العقلي ويعنون به أنه حين قلد المجتهد صار لازماً بالعمل بذلك التقليد ولما مات المجتهد يستصحب المكلف ذلك اللزوم.
ب- استصحاب الحكم التكليفي الواقعي وهي الاحكام الخمسة وفيه: ان الحكم الذي عند المجتهد ليس واقعياً والا لأصبحنا معوبة مثل العامة الذين يدعون بان الواقع يتغير بحسب اجتهاد المجتهد ومن الذي يصل للحكم الواقعي الا المعصوم ولو توصلنا للواقعي فلا نحتاج للمعالجة بالاستصحاب أو غيره.
3- استصحاب الاحكام الظاهرية:
هذا الاستصحاب ايضا بعبارة ثانية فأنه استصحاب التنجيز والتعزيز واشكل عليه:انكار الجعل من الله للحكم الظاهري وانما المجعول هو المنجزية فيما وصل للمكلف من الحكم الواقعي والمعذرية فيما لم يصل فلا متيقن في زمن حياة المفتي حتى نستصحبه في مماته
وثانياً: ان الاحكام التي اخذناها من المقلد ليست هي احكام شرعية واقعية مطلقة الا أنها بنظر المفتي أنها شرعية.
وثالثاً: أنه من الاستصحاب بالحكم وهو لا يجري مطلقا لأحتمال عدم الجعل في الواقع فاحتمال الجعل يسقطه احتمال عدم الجعل.
ورد الاشكال: لا مانع من انكار الحكم الظاهري وأنه نلتزم باستصحاب المنجزية والمعذرية وهو استصحاب بتام الاركان باليقين السابق والشك اللاحق وان فتأوى الفقيه تدور حول ما وصل اليه الواقع فهو منجز عليه وعلى مقلديه وما لم يصل اليه فهو في عذر منه وكذلك مقلدوه معذورون فالثاني نستصحبه لتمام اركأنه من اليقين السابق والشك في سقوط العذر لاحقاً فيثبت في الاستصحاب واما الأول اي المنجزية أنه لا حاجة إلى الاستصحاب لأن الواقع باق على واقعيته ولكن اقول هو ايضا يحتاج إلى الاستصحاب لأن نشك بتبدل حكم الله في اخذ الحكم الواقع من الحي ومن الميت فلعله قد تبدل فندفع المشك بالاستصحاب اذ لعل مع الحكم الواقعي شرط حياة المفتي والناقل لذلك الواقع وهذا ما يقال أنه شك في المفتي ولا مانع من اجراء الاستصحاب فيه بل حتى المعذرية لعلها تتقدم بحياة المفتي فهو شك بالمقتضي ولا مانع من اجرائه أيضاً واما اشكاله ثانياً فالرد عليه بان الاستصحاب يؤخذ موضوعه عرفياً لا دقيا عقليا أو شرعياً فيستصحب الحكم الصادر من المرجع واحتمال زوال حجيته الشرعية بموته مرفوض وفتوى المرجع هي بديل عن الواقع في حقه وحق مقلديه مادمنا نجهل الواقع بدلالة الادلة التي وضعها الشارع في الكتاب وسنة المعصومين(ع) كأخبار ذي اليد وسوق المسلمين وعمل المسلم ومعلوم من الشرع اهميته فتوى المفتي الشيعي ومن رد عليه فهو مثل الرد على النبي(ص) وعلى الله وهو على حد الشرك بالله تعإلى والشك في ان لا يحق المجتهد هو حجة في حال حياته أو هو حجة مطلقا كالشك في الكلي من القسم الثاني وهو مجمع على استصحابه مثل الشك بان الحيوان الداخل هو الفيل حين يكون طويل العمر أو البقية حين نعلم أنها لا تدوم بقدر هذا الزمن وبعبارة أوضح ان الشك بسعة العلة لا يثبت ضيقها والشك بطولها لا يثبت قصرها واما اشكاله ثالثاً في ان استصحاب الاحكام هو المشهور والاحتمالات ساقطة مادامت اركان الاستصحاب ثابته.
4- استصحاب حجية الفتوى وهو حكم وضعي:
وهو ان فتواه كانت حجة شرعية في حال حياته فتستصحب تلك الحجية وتقوم الرأي بالنفس الناطقة التي لا تتغير بتغير نفس حاملها ونحن غير مسؤولين مإذا يحصل له في القبر من علمه بخطئه وتبدل رأيه عن ما افتاه في حياته والأي له طريقين إلى تحصيل الواقع وليس له موضوعية حتى نطارده اين ما ذهب في موته بعد اقراره في حياته وكونه عن ادلة شرعية للاحياء من الاحياء وإذا واصلناه في قبره على فرض المستحيل وشككنا في بقاء رايه استصحبنا البقاء وكون الميت والحي متباينين جسداً ومكان الروح في الجسد وانتقالها بالموت لا يفيد الرأي المتخذ بادلة شرعية واشك لبأنه من الاستصحاب التعليقي فتصوره هكذا ان لو كان حياً هذا اليوم لكان فتواه كذا ورد بان هذا ليس من الاستصحاب التعليقي لأن التعليقي ليس له حالة سابقة الا معلقة مثل إذا مات انسان وشككنا ان الميت ابوه فيقول الولد لو كان ابي لورثت منه فأنه لا يثبت الشك شيئاً لأن لم يسبقه يقين واما شكنا فليس مبتدأ بعد الموت وانما شكنا بعد الموت باستمرار اليقين بحجية فتواه الصادرة قبل الموت وهو مورد الاستصحاب شرعاً وعقلاً اي انا نشك ان الموت رافع للحجية ام لا.
5- استصحاب صحة الاعمال: وهو الحكم الوضعي لفتوى المفتي دليل على جواز البقاء على تقليد الميت ومعلوم ان الاحكام الوضعية مثل الصحة والفساد والفردية والزوجية والرقية والملكية والابوة والرضاع التابعة للأوضاع كالوطن والاب والام والسفر والعبد والزوج والزوجة يشملها الاستصحاب التنجيزي والتقديري فان تقليد المجتهد قد صح شرعاً في حياته فيشك في بقاء الصحة فيصحبها
الدليل الثاني للقول الأول: عند موت المرجع لم يتغير علم المقلد إلى الجهل وهو ان المقلد إذا علم شيئاً من مرجعه وعمل به ثم مات المرجع لم ينقلب هذا العلم جهلاً في موضوعه ولا يحكم عليه بالجهل بحسب العرف المتبين ولا ورد ذلك بأشرع.
الدليل الثالث: الاطلاقات النقلية مثل اية السؤال واية قبول الجز وعدم قبول جز الفاسق وحديث وحق الفقيه بالصون والحفظ وحديث الناحية المقدسة واية النفر والانذار واحاديث الارجاع إلى زرارة ويونس وزكريا وابن مسلم وغيرهم واشكل أولاً بان الظاهر من موردها الحي ورد بعدم المخصص وان ظهر شيء من التخصيص فانما هو تعليلي لا تقييدي
وثانياً – ان احاديث الارجاع يظهر منها بمناسبة الحكم والموضوع أنها تعني الاحياء ورد من ان المشتق حقيقة فيما تلبس بالمبدأ في حينه فإذا قلده في حياته فأنه قد اخذ من المجتهد حقيقة ولا يعذر ان يعمل بعد موته ما اخذ في حياته وعد مقلداً لمجتهد حين حياته.
الدليل الثالث السيرة: اما السيرة فانا قليلا ما اعير لها الاهمية لأنها ليست مادة دسمة يمكن ان تشير اليها وتطمئن بوجودها فالتراها دائماً في موضع تجاذب فان هذا المستدل يدل بالسيرة على كذا والاخر يستدل على خلافه أيضاً بها باعتبار اخر وهكذا نعم تتقوى وتطمئن اليها إذا دعمها حديث وما شابه مثل قولهم(ع) (خذوا ما رووا وذروا ما رأو) فأنها مطلقة عامة شاملة لأحوال الاخذ والمأخوذ منه وكيف كان فمما يعارض دعوى السيرة عكسها ونقضها فانا نرى إذا مات عالم سأل كل الناس عن المؤهل للمرجعية من بعده وهذا يحصل بسب احتياط بعض المقدسين وتشكيك بعض رسائل العلماء وقال في البيان(... ولم يرى في التاريخ ان احداً من اصحاب الائمة الطاهرين(ع) إذا مات ترك الاخذون باقواله كلما سالوه في حال حياته ليسألوا جديداً عن احد الاحياء من الفقهاء وما دام كانت هذه السيرة بمنضر ومسمع من النبي(ص) والائمة الطاهرين(ع) ولم يردعوا عنها اذ مثله لو كان لبان فهي حجة لا محالة)(2).
وناقش في السيرة الشيخ العراقي (رحمه الله) بما معناه ان بقاء المؤمنين على تقليد الميت إذا قلدوه في حياته على اسباب اربعة فأنه اما من قبيل الرواية فمن سمع رواية من احد لم تبطل بموته واستمر على العمل عليها
2- أو العوام الاميون من النساء والرجال حيث يحسبون ان فتوى العالم كالقران النازل فلا يحسب امكان العدول عنها
3- أو كان ما يؤخذ من رواية معتبرة مطلقة فيستمر على الاخذ بها.
4- أو كان ماخوذاً بسبب التقليد لأشخاص افتو بذلك بدون ان يعرف مطابقتها للواقع فاما دعوى السيرة في الغروض الثلاثة الأولى فأنها لا تنفع واما الرابع فهو ممنوع جداً ورد أنه هل يلتزم الشيخ (رحمه الله) بالتفريق بين الاميين والعارفين فيجيز البقاء للامي دون العارف ؟ فهذا غريب ومخالف للاجماع المركب وان منع السبب الرابع محل اشكال أيضاً لأن اصحاب الائمة(ع) كانوا يفتون في بعض الاحوال وينقلون الخبر في بعضها لأنهم ليس لهم في كل الأوقات فراغ يتسنى لهم من لقاء الائمة لأن الائمة(ع) كثير من احوالهم يكونون مختفين أو مسجونين أو في اقامة جبرية كالامام السجاد(ع) لا يسمح للناس من لقائه والامام الصادق(ع) قد دعي مرارا إلى الكوفة وبغداد والحيرة والامام الكاظم(ع) قد اختفى في مكة اذ اراد المنصور قتله ثم في اخر عمره قد سجن ثم قتل وهكذا كل الائمة(ع) في هذه الاحوال فكان الشيعة يبتلون في الاحكام ولم يكن لهم نص ولا يستطيعون وصول الائمة(ع) فيفتوهم بعض رجالهم والائمة يجيزون ذلك ولا يرعون شيعتهم عن العمل به وليس معرفتهم بمطابقتها للواقع وهو المناط في صحة قبول الفتوى.
حكم الدليل الرابع للقول الأول: جواز البقاء على تقليد الميت مطلق:الظهورات مثل قول الامام عن بني فقال خذوا ما رووا وذروا مارأوا)(3) وكذلك في جواب السؤال عن كتب الشلمغاني بعد ارتداده فقال الحسين بن روح (رحمه الله) قال:اقول فيها ماقاله الحسن بن علي صلوات الله عليهما وقد سئل عن كتب بني فقال.. خذوا ما رووا وذروا ما رأو)(4) وكذلك عن عبد الله الكوفي خادم الحسين بن روح (رحمه الله) قال (سئل الشيخ يعني الحسين عن كتب ابن ابي العزاق بعدما ذم وزجت فيه اللعنة فقيل له فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاء فقال..) مامر واشكل عليه: أولاً بضعف السند ورد بالشهرة وتلقيها بالقبول وثانياً- ان الاستدلال بقبول براي غير الشلمغاني وامثاله المنحرفين استدلال بفهوم اللقب وهو غير معتمد عند المحققين ورد بأنه بمناسبة الحكم الموضوع في عليه الانحراف لسلب حجية الرأي وهو غير مخصوص للشلمغاني أو بني فقال أو عزاق وانما العلة هو الانحراف عن الحق مع أنه قد احيط هذه الاحاديث بمجموعة من القرائن وان الظاهر من (ذروا ما رأوا) لأنحرافهم فالسائل كان في ذهنه ان الرأي للرواة حجة ولذا سال ان كتب فلان بالخصوص فاجيب فان الكتب التي فيها روايات اهل البيت(ع) حجة واما حديث عدم الاعتبار بمفهوم اللقب انما عدم الاعتبار إذا كان الاعتماد على اللفظ فقط واما مع القرائن الاخرى فيؤخذ بالمفهوم.
وثالثاً- أنه يحتمل ان ذروا ما رأوا) يعني نفس الاراء المنحرفة والتي ارتدوا بها غير مقبولة ورد بان هذا التوضيبة خلاف السياق فان الظاهر بان الامام(ع) يريد ان يشير لهم بان الرأي اي الفتوى لا تؤخذ من الفاسق والمنحرف واما الرواية فلا يحتاج إلى عدالة وانما تؤخذ بمجرد ثقة الرأوي وكذا المفتي) إذا افتى في حال عدالته ثم فسق فان فتواه يؤخذ بها كاخذ فتوى الحي بعد موته.
القول الثاني وهو وجوب البقاء على تقليد الميت وادلتهم بعضها تخيلات وبعضها لها وجه.
1- يلزم لغوية الجعل الشرعي فان التقليد مجعول على غير المجتهد شرعاً أولاً اقل أنه ممضي شرعا فالشخص العامي لا حجة له دونه على الاحكام الشرعية فحجته هو المرجع الموجود فإذا مات فقد لغي ذلك المقلد المرجع فبقي العامي ملغي الحجة ! وهو كما ترى فان الحجة هي الفتوى الصادرة عن العلم الصحيح شرعا وليس شخص المرجع حجة له فالمكلف مخير بين الحجج وهو غير ملزم بهذه الحجة سواء عاش صاحبها أوقات فله ان يقلد اي صاحب حجة اي صاحب فتوى ابتداء واستمراراً حياً وميتاً ولا يسأل عن صاحب الحجة في جسده واحواله ما دام حين الافتاء متكامل الدين والعقل والمذهب.
2- الحجة مأخوذة بشرط لا اي ان اخذت بها فلا تاخذ بخلافها والا لحصل تلاعب بالدين وفيه وضع الشرع حجته على عباده وهو فتوى مراجعه ومجتهديه على قسمين الأول ما لم يقابله حجة اخرى مخالفة وهو مثل اركان الدين الضرورية اذ يجمع الشيعة عليها ولا مخالف لهم فهي الحجة الموحدة ولا يجوز ان يخالفها إلى قول ملغي لا حجة ولا اعتبار به شرعاً.
والثاني ما له حجة اخرى متكاملة الشروط أيضاً وعلى المكلف ان ياخذ بالحجة سواء الأولى أو الثانية محيز بينهما من الشك حين اخذ بالأولى أنه الزم بها أو بقي مخيراً فنقول الاصل بقاء التخيير واما حديث التلاعب فذاك العرف العقلائي أو المتدين منهم فإذا حصل اضطراب المكلف بالتنقل بين الفتأوى حتى يصدق التلاعب عرفا فهو الممنوع شرعاً.
ان قلت ان هذا يلزم اما جمع المثلين أو النقيضين أو الضدين قلت: قلنا بان الحجة التخيرية هي على سبيل البدل مثل الكفارة فأنه اما ان يصوم أو يتصدق أو يعتق فالحجية للمصاديق المتماثلة كما إذا اتفق المجتهدون أو المتضادة أو المتخالفة كما إذا اختلفوا بالفتوى اخذها على سبيل البدن لا بشرط اي أنه يلزم اما بهذه أو بهذه نعم له ان يجمع بينهما بالعمل فأنه يصلي الجمعة ويصلي الظهر ان لم يكن محذور التحريم كالمراة محتملة الاخوة من الرضاعة فأنه إذا اختار فتوى اخوأنها فارق وان اختار العدم ضمها وتزوجها ولا يعمل بالفتويين لتناقضهما مع محذور التحرير واشد منه ما شك زوجية امراة بين اثنين فان اختار فتوى أنها زوجة زيد فلا تجوز لأحمد وان اختارت احمد حرم زيد أو كان الشك لرجل بين امراتين متعارضتين فان اختار الام حرمت البنت وان اختار البنت حرمت الام ولا يجوز له الجمع ولا يجوز الترادف عليهما والتقلب مرة هذه واخرى هذه فهاتان الفتويان متناقضتان يعمل على احدهما فقط واما ما لم تكونا متناقضتين فلا مانع بالترادف والتقلب بينهما وهو مختار فمرة يصلي إلى هذه الجهة واخرى إلى هذه ما لم يحصل التلاعب والتناقض كما قلنا والحاصل فان حجية الفتوى كلية لها افراد وكل فرد منها إذا التزمه المكلف فهو لا بشرط ان يترك الاخرى الا إذا حصل تناقض شرعي كما مثلنا بالبنت والام فهذه الحجة بشرط لا ويكون التخيير ابتدائي لا استمراري.
3- الاستصحاب تنجيزي وتعليقي.
فالتنجيزي: هو لما قلد الحي وجب وحرم غيره فإذا استصحب وجوب المعين واجيب بان الحجة التخيرية ابتداء يستصحبها وهي حاكمة على وجوب المعين سابقة عليها واما التعليقي: أنه لو قلد حرم العدول في حال الحياة فيستصحب التحريم لو مات واجيب أولاً بعدم العمل بالتعليقي وثانياً بان التخيرية حاكمة عليه ومإذا تقول لو اجتهد بخلاف فتوى مرجعه فهل توجب عليه فتوى المرجع؟ يقيناً لا فكذلك لو اراد تقليد اخر فأنه مخير بينهما في حال الحياة وبعد الممات.
حكم القول الثالث: حرمه البقاء ووجوب العدول وادلته كلها مدخولة.
الأول: الاجماع استضهره الشيخ الانصاري (رحمه الله) ؛ سبحان الله وتعإلى وقال مثلما يحرم تقليد الميت ابتداء فكذلك استمرارا والذي فرق بينهما بعض المعاصرين ليس له في فتوى المتقدمين عين ولا اثر اقول: ونحن لا نؤمن بالتحريم لا ابتداء ولا استمرارا فان الحجة هي الفتوى وليس الابدان ماتت أو عاشت وعقلت وتخبلت تذكرت أو نسيت والاجماع لا وجود له ولا حجة فيه لو ثبت فأنه
1- عدم تعنون المسألة لدى القدماء.
2- ومقطوعية الخلاف بينهم وقوله (رحمه الله) (لا وجود للاختلاف بين التقليد للميت وبين الابتداء والاستمراري قلنا بل لا وجود للاختلافي ولا عنوان للمسالة بالمرة مما يدل جواز تقليد الميت ابتداء واستمرارا ولو وجد اجماع على فرض المستحيل فهو لبي يؤخذ منه المتيقن وهو منع تقليد الميت ابتداء على القول به
الثاني: انكار التقليد: وهو قول صاحب الفصول بان تقليد الميت استمرارا هو لا تقليد ويشمله الاجماع على حرمة التقليد وفيه أولاً لا اجماع كما قلنا وثانيا قانون بقاء الاكوان جار هنا حاكم على كل التخيلات فما ثبت دام الا بمزيل فكما جاز تقليد الحي دام الجواز للبقاء على تقليده.
الثالث: الاحتياط: عن الاسترابادي (رحمه الله) بان الاحتياط يقتضي حرمة البقاء وفيه:بل الاحتياط بالعكس وهو البقاء على التقليد فان من التزم بفتوى سواء من حي أو ميت لعل الواقع يحكم بالاستقرار في ذمته لأنه ان عدل عنها يتقارب من اليقين في مخالفة الواقع والبقاء على فتوى واحدة في زمأنه اقل احتمالاً في مخالفة الواقع بل بالانتقال يعلم يقيناً بمخالفة الواقع لأن الشرع الواقعي اما هو على العمل الأول فيخالفة حين خالفه واما هو بالحكم الثاني فيكون خالفه بالعمل بالفتوى الأولى وعليه فنحن نرى ان البقاء على ميت أو حي بعد العمل بفتواه افضل احتياطاً وقد مر ان بالتنقل شبهة التلاعب وقد اجبناها بالتفضيل.

الرابع: الرواية باندراس الدين.
حكم: استدلوا على حرمة البقاء بصحيح يعقوب السراج قال قلت لأبي عبد الله(ع) تبقى الارض بلا عالم حي ظاهر يفزع اليه الناس في حلالهم وحرامهم؟فقال(ع) لي إذا لا يعبد الله ياابا يوسف)(5) فيجب الفزع إلى العالم الحي لئلا يندرس الدين وفيه ان ظاهر الرواية بقرينه ظاهر الحال واستيناس الذهن.
مع الاطلاع على اساليب كلام المعصومين(ع) ان المراد به الامام المعصوم الحي خلافاً للعامة حيث لايشترطون الحياة للحجة من قبل الله ويقولون مثلاً في تفسير قوله تعإلى [يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ](6) يعني امامنا رسول الله يكون تحت رايته والايه [ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ](7) يفسرونه بالقران أو بالرسول(ص) ويتحيرون في تفسير قول النبي(ص): من مات ولم يعرف امام زمأنه مات ميتة جاهلية) أو يفسرونه برؤساء زمأنهم الذين هم غالباً فسقة وظالمة أو كفرة وابناء الحرام وهذه كلها يراد بها الامام المعصوم(ع) وهم موجودون كل في زمان إلى يوم القيامة وهكذا روي عن يعقوب السراج أيضاً: قال قلت لأبي عبد الله(ع) (تخلوا الارض من عالم منكم حي ظاهري)(8) قال منكم يعني من الاثني عشر ولا اشكال بهذا سواء كانت الروايتان أو واحدة أو اثنتين فان الاستدلال لا يتم الا بالتجميع.
وثانياً- ان سلمنا ان العالم الحي المفروض بالرواية غير الامام المعصوم فاثبات الشيء لا ينفي ماعداه ففرض عالم حي يفزع اليه الناس في مشكلاتهم الاسلامية لا ينفي ان بعضهم يقلد ميتاً ويفزع فيما يستجد أو بعض الحوادث إلى الحي النافذ امره ومعلوم ان بعض الحوادث لا تحل بفتوى الميت وانما تحتاج للاحياء القائمين على ادارة شؤون المسلمين من المرجع ووكلائهم واتباعهم.
وثالثاً- ان الحياة من مفهوم الوصف الذي لم يعتبر العمل به المشهور
ورابعاً- أنه من كلام الرأوي والاغلب لم يعتبر ان لم يعتبره ان لم يعده الامام متامل.
القول الرابع: التفصيا بين ما كان الميت اعلم فيجب البقاء أو الحي اعلم فيجب العدول أو التسأوي فيتخير هذا القول مبني على اهمية الاعلمية وقد مر عدم اشتراطه بالتقليد وهي فتوى حديثة العهد وصرح بها شريف العلماء رحمه الله قال في المستمسك:هذا كله مع تسأوي المجتهد بين الميت والحي في العلم اما مع الاختلاف فالظاهر أنه لا اشكال في بناء العقلاء على تعيين الرجوع إلى الاعلم فيجب العدول إلى الحي ان كان اعلم كما يجب البقاء ان كان الميت اعلم بلا فرق بينما علم وعمل وبين غيره لعدم الفرق في بناء العقلاء المذكور ولا مجال حينئذ للرجوع إلى الاصول الشرعية أو عقلية نعم لو كان الرجوع إلى الاعلم من جهة الحكم العقلي بالتعيين عند الروان بينه وبين التخيير كان الاصل الشرعي وارد عليه فيتعين الرجوع إلى الاصل المتقدم)(9) وكأنه يقصد بالاصل:استصحاب حجية فتوى الميت فان المقلد لما قلد صارت فتواه حجة عليه فلما مات وشك في لزوم العدول للحي يستصحب حجية الأول لأن الاستصحاب اصل محرز والتعيين اصل غير محرز والمحرز دائماً وارد على غير المحرز ووافق المستمسك التنقيح فقال: ان السيرة العقلائية قد جرت على الرجوع إلى الاعلم من المتعارضين بلا فرق في ذلك بين الاعلم الحي والميت ولم يردع عنها في الشريعة المقدسة)(10).


(1) ذكر المسألة في العروة في م9وم22و26و39و52و53و60و61و62وهي مخلوطة بمسائل العدول نبحث بعضها بهذا العنوان وبعضها بعنوان السائل العدول والشروع بها في البيان ج1 من ص208

(2) بيان الفقه 1/232 - 234

(3) البيان 1/243

(4) عن جامع احاديث الشيعة

(5) البيان 1/261 عن علل الشرايع ج1 الباب 153ج3

(6) الاسراء 17/71

(7) ياسين ص واله 36/12

(8) البيان عن البصائر

(9) المستمسك 1/20

(10) البيان 1/266 عن التنقيح 1/114