الصغيرة ومنافات العدالة

حكم:- اختلف العلماء في منافات الصغيرة للعدالة اما قولي بحسب ما تقدم من البحوث فأنه يختلف من انسان واخر فان فعل الصغير لمجرد أنه شاهد أو مخبر خبر من حديث أو غير ومن شابه فلا ينافي شهادته وعمله ابداً.
ونسب للمفيد (رحمه الله) وبعض المعاصرين منافاة الصغيرة للعدالة ونسب إلى المشهور عدم المنافاة ومن ادلة المشهور فعرف وجه الحقيقة مع انا لسنا بحاجة لبحث هذه المعلومة بعدما عرفنا النسبية في تحديد الصغائر وفي نسبها إلى العدالة
1- قوله تعإلى:[ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ](1) دلة على تكفير الصغائر والتكفير هو المحو وهكذا ايات (اللمم)(2) واية (يجتنبون)(3) يعني إذا اجتنب هذه لم يبقى بينه وبين الله بعد ذلك واشكل عليه ان صدق المعصية ينافي العدالة والذي تثبته الاية هو تكفير الذنب فهو مثل تكفير السيئات بالعمل الصالح فالعدالة تدور الاستقامة التامة.
ورد: ان العدالة وعدمها لا تدوران مدار المعصية وعدمها وانما مدار حسن الظاهر وحسن الظاهر إذا كشف عن حسن الباطن فهو من مراتب العدالة الراقية وبعد حصول التكفير فهو دليل على حسن الواقع فضافاه إلى الاشكال في صدق المعصية على الصغيرة إذا كان صاحبها مجتنب الكبائر لأن المعصية هي المخالفة الشديدة لغة ومعلوم ان من وعده الله بالتكفير والمغفرة ليس بعيداً عن الله تعإلى ولو سلمنا ان تكون معصية فلم تكن معصية فاعلية مسقطة للعدالة.
2- صحيح ابن ابي يعفور في تعريف العدالة: قال: ويعرف باجتناب الكبائر التي أوكد الله عليها النار)(4) فلو كان فعل الصغيرة منافياً للعدالة لما حضر الامام(ع) الاجتناب بالكبائر من الروايات التي تعرف العدالة بالاسلام وعدم ظهور الفسق تدل بالأولوية أو بالالتزام بعدم منافاة الصغائر للعدالة للعلم حينئذ بعدم صدق الفسق على مرتكب الصغيرة من غير اصرار ومثل حديث علقمة: لولم تقبل شهادة المقترفين بالذنوب لما قبلت الا شهادة الانبياء والأوصياء صلوات الله عليهم)(5) وصحيح حريز: إذا كانوا اربعة من المسلمين ليس يعرفون شهادة الزور اجيزت شهادتهم جميعاً)(6) وحديث سلمة عن علي(ع): واعلم ان المسلمين عدول بعضهم على بعض الا مجلوداً في حر لم يتب منه أو معروفاً بشهادة زور أو ضنيناً)(7) فلما تسامح مع ذنوب كبائر فالتسامح مع الصغائر أولى اقول لكن هذا بالنسبة للشهادة التي لا يراد منها الا الثقة والا فاي فاعل اي كبيرة التي لم تذكر ولم تشترط في هذه الاخبار هو غير عادل بل كما قلنا ان بعض الصغائر تعتبر من بعض الناس كبائر وهكذا إذا فعلت باحوال مقدسة أو في مكان مقدس.
3- جز العلاء المعتبر قال: سألت ابا عبد الله(ع) عن شهادة من يلعب بالحمام فقال لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق)(8) ومعلوم ان اللعب بالحمام بعثوره عدة معاصي منها أنه يشرف على اعراض الجيران ومنها أنه يذهب أوقاته هدراً بلا استفادة من الدنيا والاخرة ومنها أنه يلتهي عن ذكر الله ولعله يؤخر الصلاة ومنها أنه عمل السفهاء وسقطاء الناس ولم يتعارف من اشراف المؤمنين والعلماء فالامام(ع) لم يحقق عن ذلك مع السائل شهيداً للدين وليوغل الناس بالدين باللطف والتجأوز والا فهذا العمل من السيئات مع ذلك لم يمنع الشهادة المتوقفة على العدالة والثقة وعليه فالصغائر لا تمنع العدالة واشكل عليه: ان مرتكب الكبيرة مرة واحدة وانقلع عنها يصدق عليه أنه لم يعرف بالفسق وفيه: أولاً فان اللعب بالحمام لم يعرف بالفسق دائماً ولم يقيد بمرة واحدة وان مرتكب الكبيرة أنه يعرف بالفسق ولو مرة واحدة حتى يثبت منه التوبة وان مرتكب الكبيرة خرج بالاجماع عن العدالة ويبقى غيرها مع العدالة.
4- وروايات تجعل العدالة اهون من ذلك منها صحيح محمد بن مسلم:لو كان الامر الينا لأجزنا شهادة الرجل إذا علم منه حين ومنها 65: من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فضنوا به خيراً واجيزوا شهادته)(9) فأنهما شملتا حتى مرتكب الكبائر والمصر على الصغائر ولكن بالاخرى خرج الكبائر فيبقى مرتكب الصغائر بصفة العدالة.
5- ماجاء عن الفقيه الهمداني (رحمه الله): في شرحه على العروة: ان الذنوب التي ليست في انضار اهل الشرع كبيرة قد يتسامحون في امرها فكثير مالا يلتفتون إلى حرمتها حال الارتكاب أو يلتفتون اليها ولكن يكتفون في ارتكابها باعذار عرفية مسامحة كترك الامر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو الخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياء) أو خوفاً من حصول جدال واهانة ولوم وتبكيت لأن امير المؤمنين(ع) ومن بدرجته لا يخافون لومة لائم وليس كل الناس لا يخافون (مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم فالظاهر عدم كون مثل ذلك منافياً لأتصافه بالفعل عرفا من اهل الستر والصفاف... وهذا بخلاف مثل الزنا واللواط وشرب الخمر)(10).
وأورد عليه: ان المسامحات العرفية في تطبيق المفهوم للعدالة على المصداق إذا خالفت التطبيق تضرب عرض الجدار.
ورد ان المسامحات على قسمين:
قسم يعترف العرف المتدين نفسه بعدم انطباق مصداق العدالة على مفهومها من مرتكبها فهذه المسامحة تضرب عرض الجدار وقسم فيه سعة شرعية وعرفية في الملتزمين المتورعين فان الامر بالمعروف والناهي عن المنكر مثلاً والذي جئنا به مثلاً على المسامحة ينظر جهات عديدة في امره ونهيه فان امن كل الجهات تدخل بالامر والناس يختلفون بالشجاعة والجبن والتهور.


(1) النساء 31

(2) النجم 32

(3) الشورى 42/37

(4) الوسائل 41/1 الشهادات

(5) الوسائل 41/13 الشهادات

(6) الوسائل 41/18 الشهادات

(7) الوسائل 1/1 آداب القلقي

(8) الوسائل 54ح1 الشهادات

(9) الوسائل 41/8 و13 شهادات

(10) البيان 3/342 عن مصباح الفقيه 3/675