خلاصة معنى العدالة:

حكم: خلاصة مما استفدنا من معنى العدالة من مثل هذه الأخبار المزبورة آنفا أنها على مرحلتين
المرحلة الأولى: هو حسن الظاهر بعد الاسلام والعمل الصالح وعدم الرذيلة وحسن السلوك.
و المرحلة الحقيقية والعدالة النفس الامرية
هي الملكة العقوية الشديدة التي لا يزلزلها شيطان ولا دنيا ولا هوى كما يقول الشاعر:

نفسي وشيطاني ودنيا والهوى

 

 

كيف الخلاص وكلهم أعدائي

 

فهذه هي العدالة وإما الأولى فان الرجل يحمل على العدالة فيقال في حقه انه عادل وليس هي العدالة في واقعة
فالمرحلة الأولى هو ما قررته رواية ابن أبي يعفور وغالب الروايات وخصوص خبر علقمة
وإما العدالة الواقعية فما بينه خبر الاحتجاج عن الرضا(ع) عن السجاد(ع) وهو خبر ـ 10 ـ الانف.
وبعبارة أخرى: إن هناك مظهر العدالة الذي يؤاخذ الناس عليه ويسيرون مع الشخص وهناك واقعه العدالة الذي يحاسب (الله تعالى) عبادة عليه كما ورد من هذا القبيل روايات وآيات منها.
أ ـ عن أبي عروة السلمي عن أبي عبد الله(ع): قال إن الله يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة) (1).
ب ـ وعن الرضا(ع) عن إبائه عن النبي(ع): لا حسب إلا بالتواضع ولا كرم إلا بالتقوى ولا عمل إلا بالنية) (2).
ج ـ وعن علي بن جعفر عن اخية موسى الكاظم(ع) عن إبائه عن رسول الله(ع) قال إنما الإعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فمن غزى ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله ومن غزى يريد عرض الدنيا أو نوى عاقلا لم يكن له إلا ما نوى) (3).
د ـ وعن أبي هاشم قال: قال أبو عبد الله(ع) إنما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا إن لو خلدوا فيها إن يعصوا الله أبدا وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا (الله تعالى) أبداً فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى: [قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه] (4). قال(ع): (على نيته) (5)
10- في الاحتجاج عن الرضا(ع): قال علي بن الحسين(ع) إذا رأيتم الرجل قد حسن سمعته وهديه في منطقة وتخاضع في حركاته فرويداً لا يفرنكم فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم منها لضعف قيمته (بنيته) ومهانته وجبن قبله فنصب الدين فخالفها فهو لا يزال يخيل (يحيل) الناس بظاهره فأن تمكن من حرام أقتحمه وإذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويداً لا يضركم فأن شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وأن أكثر ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرماً، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقده عقله فما أكثر من ترك أجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين فيكون ما يفسره بجهله أكثر مما يصلحه بعقله وإذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله أو يكون عقله على هواه وكيف محبته للرياسات الباطلة وزهده فيها فأن في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة فيترك ذلك أجمع طلباً للرئاسة...
ولكن الرجل كل الرجال نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعاً لأمر الله وقواه مبذولة في رضاء الله يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد من العز في الباطل... إلى أن قاد فذلكم الرجل نعم الرجل فيه فتمسكوا وبستنه فافتقدوا وإلى ربكم به فتوسلوا فأنه لا ترد له دعوة ولا تخيب له طلبة (6).
أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى:[قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ] (7) قال على نيته (8).
هـ - وعن زيد الشحاح قال قلت لأبي عبد الله(ع) أني سمعتك تقول نية المؤمن خير من عمله فكيف تكون النية خيراً من العمل؟ قال لأن العمل ربما كان رياء للمخلوقين والنية خالصة رب العالمين فيعطي على النيه ما لا يعطي على العمل.
و- وعن عبد الله بن موسى بن جعفر(ع) عن أبيه(ع) قال سألته عن الملكين هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟ فقال ريح الكنيف والطيب سواء؟ قلت لا قال أن العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال قم فأنه قد هم بالحسنة فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له وإذا هم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين قف فأنه قد هم بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقة مداره فأثبتها عليه (9).
ز- وعن علي ابن أسباط عن أبي الحسن الرضا(ع): أن أمير المؤمنين قال كان يقول طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل بما ترى عيناه ولم ينسى ذكر الله بما تسمع أذناه ولم يحزن صدره بما أعطى غيره (10).
ح- عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله(ص): سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم يكون دينهم رياء إلا يخالطهم خوف يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الخير الغريق فلا يستجيب لهم (11).
ط- ومضمونة حديث: من هاجر (لله تعالى) ولرسوله فهجرته لله ورسوله ومن هاجر لمال يستفيده وامرأة ينكحها فهجرته لما قصد (نوى).
ي – أن كثيراً من المجاهدين مع رسول الله(ص) يقتلون في المعركة فلم يصل عليهم (رسول الله(ص) وآبائه) فيقول: هذا شهيد أم جميل وهذا شهيد الحمار وهذا شهيد كذا.


(1) الوسائل 5/5 مقدمة العبادات.

(2) الوسائل 5/6 مقدمة العبادات.

(3) الوسائل 5/10 مقدمة العبادات.

(4) سورة الإسراء:الآية 84.

(5) على نيته.

(6) الوسائل 7/ 3 مقدمة العبادات.

(7) سورة الإسراء:الآية 84.

(8) الوسائل 8/ 3 مقدمة العبادات.

(9) الوسائل 8/ 3 مقدمة العبادات.

(10) الوسائل 8/ 3 مقدمة العبادات.

(11) الوسائل ب11 ح4 مقدمة العبادات.