الرواية الثانية: توقيع الناحية المقدسة:

حكم: ورد عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان(ع) إما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك إلى أن قال وإما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله (1).
فنسبة حجية قول الناقل إلى حجيته المعصومة والظاهرة العدالة هي من أعلى درجات فرضية العدالة وأشكل فيه أولا ً: بان إسحاق مجهول لا نعرفه وأجيب أن الرواية عن جماعة من الرواة عن قولوية وأبي غالب الزراري وغيرهما عن محمد بن يعقوب فالطريق صحيح عن إسحاق بن يعقوب وقيل فيه: مجهول لا نعرفه ولم يوجد له توثيق أو مدحاً صريحاً من غير طريقه هو وأجيب بتقوية السند أن قد تلقى الأصحاب الرواية بالقبول واعتمدوها في مقام الاستدلال بها في أهم الإحكام الشرعية وهو ولاية الفقيه العادل وهذا مستمر من أول الغيبة حتى الآن.
ثانياً: وقد قال الشيخ (رحمه الله) في رجاله (ولا يضر كونه) أي إسحاق بن يعقوب الراوي بعد اعتناء المشايخ له ورواية جماعة من المشايخ له.
ثالثاً: قد أشتمل على مديح رفيع ويدل على أنه من المخلصين والبعيدين عن أعدائهم بقول الأمام(ع): (أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا) وفي أخره (السلام عليك يا أبا إسحاق وعلى من اتبع الهدى) وأن قلت أن هذا المديح عن طريقه ولعله يكذب أو يبالغ في نقله قلت لا يجرأ على نقل مديح كهذا كذباً إلا أشد المتهتكين والفسقه وناقل هذه المسألة الجليلة التي يبتني عليها تدين الشيعة في الآف سنين لا يشبه هكذا أخلاق فاجرة.
رابعاً: أن في هذا الحديث نور واضح إذ هو يثبت مسألة قياساتها معها إذ من المعلوم أنه لا بد في كل (عصر لله تعالى من حجة) فإذا غاب الحجة فأين يتوجه الناس ليعرفوا دينهم.


أقول: لو لم يرد هذا الحديث فلا بد أنا نعمل مضمونة في تثبيت علمنا بديننا ولا مناص لنا غيره كيف وقد جاءنا مشذباً وصريحاً فالتشكيك به لا وجه له أبداً.
هذا ما نقلوه من الاستدلال على لزوم عدالة القائد والمرجع للمسلمين وهناك آيات وأحاديث كثيرة بمختلف الأساليب تمنع من أتباع الفاسقين والجاهلين والخائنين والكائدين وتوجب الاهتداء بالهداة والصالحين والاقتداء بالمتقين ولو بحثنها لم تقل دليلا ً وصراحة على منع تقليد غير العادل بل المنع في بعضها في الاقتداء بالفاسق اعلم من الاقتداء به والإتباع له في فسقه وظلمة مثل قوله تعالى:[وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ] (2).
والفاسق غير متبع للدين فلا يؤمن على شيء وخصوصاً على أحكام الإسلام نعم بضمنها ظاهرة في الإتباع بالظلم مثل قوله تعالى:[وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ] (3).
وأشكل ثانياً: لا يعلم ما المراد بالحوادث المسؤول عنها ويحتمل كون للعهد يشير إلى أمور مذكورة وأن الحجة يكفي أن يكون ثقة وأن قل عن العدالة وأجيب.
أولاً: بان خصوص السؤال لا يقيد عموم الجواب وأكثر ما يعرف ذلك من الجواب كون اللام للعهد خلاف الأصل والظاهر وعن الثاني فينتقض أن الحجة تدل على الأعم من الثقة أيضاً لأن التسامح في أدلة السنن تعمل برواتهم غير الثقة أيضا وحلا ً بأن مناسبة الحكم والموضوع وكونهم حجة من قبل المعصوم(ع) لحل الأمور الإسلامية من عظيمها إلى صغيرها تدل على عالي العدالة وليس العدالة فقط.


(1) الوسائل 11/9 صفات القاضي

(2) آل عمران 3/ 73.

(3) البقرة 2/166.