الاستدلال على تقديم الأورعية:

حكم: استدلوا على تقديم ذي الزيادة من الورع بالأدلة العامة وهي:
1- الإجماع: وقد عرفت أن لا إجماع وإنما المعظم من العلماء ومعلوم أن هذا الإجماع مستند وعلى مبنانا نعتمد على الإسناد لا على المستندين لما رأينا من جمود الحوزات على أقوال ظاهرة لدينا باحتياجها إلى تشذيب وشيء من التصرف.
2- وأصالة التعيين: وقد ورد أيضا ً كما عن المحقق العراقي (رحمه الله) قوله:(نعم لو انتهى الأمر إلى الشك يمكن دعوى وجوب تقديم الأورع لكونه هو المتيقن في الحجية عند التعارض والاختلاف في الفتوى) (1).
ورد أن الأصل الشرعي برفع ما لا يعلمون حاكم على هذا الأصل العقلي بل أن أصالة البراءة تقدم على استصحاب الاشتغال وهو أصل محرز في الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين وغير الارتباطيين فكيف بأصل الاشتغال غير المحرز وهو أصالة التعين وعلة تقديم البراءة غير المحرز على المحرز هو أن البراءة ترفع موضوع الاستصحاب فهي واردة عليه ولم تبقه سالماً حتى يعتبر محرزاً ولذا قالوا: أن الأصل الحاكم يقوم ولو كان أضعف الأصول على الأصل المحكوم ولو كان من أقوى الأصول وتقريب ذلك.
إلى ذهنك إذا حلف الولد بالإيمان المغلظة بأن يفعل كذا فقد وجب عليه ولكن أباه لما علم اسقط حلفه ونذره فقد سقط.
3- الاستصحاب:
الذي استند إليه شريف العلماء (رحمه الله) وهو أما أن يقصد العدم الأزلي يعني يستصحب حالة عدم وجود العالمين فلم يوجد فلم يكن أحدهما أورع وهذا خلاف المشهور أو العدم النعتي فيما كانا متساووين ثم زاد أحدهما ورعاً كانا متساووين ثم زاد احدهما ورعاً وهذا مشكوك أيضاً أذ لعل أحدهما كان من حين بلوغة أورع من الآخر فتأمل.
ورد: أيضاً بأن أطلاقات التقليد تفي أصل التعيين وأصل الاستصحاب وأجاب في التنقيح (رحمه الله):
(عن الأصل بأنه فرع ثبوت التخيير ولا تخيير في تعارض الفتوتيين بل اللازم الاحتياط أن تمكن أورع أم لا وأن لم يتمكن بالمعارضة سواء كان احدهما أورع أم لا وأن لم يتمكن من الاحتياط فالعقل هو الحاكم بالتخيير ولا فرق عند العقل بين الورع والأورع لتنازل العقل من الامتثال القطعي عند عدم تمكن المكلف منه إلى الاحتمالي والأورع والورع في الاحتمال سواء.
ورد: مضافاً إلى ما سبق من تقديم التخيير في المقام أن احتمال أهمية الأورع شرعاً موجود فإذا احتملنا تقديم الأهم عند التزاحم ينبغي تقديمه هنا لنفس ملاك التزاحم وهو عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما أو لم يرد الشرع منه الجمع بينهما ويمكن أن نجيب بأن الحجية والأهمية في الشرع وهو الشرع والعدالة فهما المطلوب الأول والأهم بالتقليد فيمكن أن نقول هنا بالتعيين بخلاف الأعلمية فأنه أمر ليست بتلك الأهمية فيحمل على التخيير وتقوى عندنا العمل بالإطلاقات ولو قلنا بتقديم الأعلمية على الأورعية لاقتربنا إلى الروح العلمانية الفارغة عن روح الإسلام فأن المرجع المقلد عليه أن يربط الناس بالروح العالية والتقوى أكثر أن يربطهم بالفقه والأصول والقواعد والترابط العلمي.


(1) من نهاية الأفكار 4/355.