أشكال فقه الشيعة على المستمسك:

حكم: ذكر في المستمسك أن الحكم دائر بين خمسة احتمالات
1- كون الفتويين حجة وهذا موجب للتناقض.
2- كون أحداهما المعين حجة ولا دليل عليه.
3- كون أحداهما المردد حجة ولا وجود خارجي له.
4- التساقط والرجوع إلى غيرهما من الحجج من الاحتياط أو الاجتهاد وهذا مخالف الإجماع والسيرة وغير مقدور لكل أحد
5- الحجة يختاره المكلف من الفتويين.
أقول: هذا هو اللازم ولا شرط أن يعرف صاحب الفتويين أو أصحاب الفتاوى كما قلنا وأشكل في فقه الشيعة على هذه الحجة التخييرية.
قائلا ً: أن كان التعبد بالجامع الانتزاعي فذاك لا يخلو من الدوران بين الوجوب والتحريم أو بين الوجوب والتحريم وبين الإباحة أو بين وجوب شيء ووجوب آخر كالجمعة والظهر
والأول: غير معقول لعدم خلوا المكلف من الفعل والترك فلا يعقل البعث نحوه لأنه تحصيل للحاصل.
والثاني: لا أثر له إذ هذا لا ينفي احتمال الحكم ألاقتضائي.
والثالث: غير مفيد إذ مرجعه إلى الاحتياط لا التخيير وأن كان المراد بالحجية التخيرية حجية كل واحده مشروطة بعدم الالتزام بالأخرى فهو غير معقول مطلقاً لأن التعبد بالمتناقضين فيما إذا لم يلتزم بشيء منهما وأن أريد بالحجية التخييرية لزوم الالتزام بإحدى الفتويين لتكون حجة تعيينيه بعد الالتزام بها فلا دليل عليه لأن الإجماع لو ثم على حجية أحدى الفتويين فإنما هو على عدم لزوم الاحتياط على العامي فقط وأين هذا من لزوم الالتزام بالفتوى قبل العمل.
وأضاف: بما إن أدلة جواز التقليد قاصرة الشمول للمتعارضين يتعين عليه الاحتياط فلا بد في جواز العمل بإحدى الفتويين من التماس دليل آخر وليس في المقام إلا دعوى الإجماع وقد عرفت حالها (1).
ورده: أولا ً: بإمكان الالتزام بالفرد المردود فأن كن الفتويان متوافقتين نستند لكليهما وأن كانتا متخالفتين فحجية كل واحدة مصححه للتمسك بها ولا يلزم التناقض.
أقول أولا ً: أنه يلزم الترك المجاز شرعاً وليس يلزم التناقض المحال عقلا ً فأن المكلف إذا صلى الظهر فقد ترك الجمعة وقد أجيز لاختيار الظهر وأن اختار الجمعة فقد ترك الظهر كذلك ثانياً: وأن صلى الاثنتين فقد احتاط وصلى كل ما في الواقع فلا تناقض وكذا بين القصر والتمام وكذا بين الوضوء والتيمم وكذا بين الحج والإعادة وهكذا بين شيئين متخالفين وكذا بين السلب والإيجاب مثل من يخير بين حصته بالإرث وبين قبول الوصية فأن اختار اخذ ما أوصى به له حرم حصة الإرث وأن اختار حصته حرم الوصية وهذا ليس تناقضاً أيضا ً بل هو ترك جانب مقابل أخذ آخر مثل من لم يقدر العمل بكلا الواجبين يعمل بإحداهما مخيراً كما إذا كلف إنقاذ غريقين متباعدين فله اختيار أيهما وقد قلنا بأن الترجيح بالاختيار غير محال بل مجاز شرعا ًوعقلا ً وإنما المحال ترجح الطبيعي بلا علة.
ثانياً: أن التساقط بين الدليلين المتعارضين ليس مسلماً ورده جماعة من علماء العصر بل يقدم أوثقهما وإلا فيتخير بالعمل بأيهما.
وثالثاً: أن المخالف للسيرة والإجماع هو مخالفة جميع الفتاوى وليس في ترك فتويين والالتزام بغيرهما من الأدلة والفتاوى مخالف للإجماع هذا الرد على المستمسك وإما الرد على فقه الشيعة في تشقيقة إلى ثلاثة شقوق.
أولا ً: نلتزم بالجامع الانتزاعي أما بين الوجوب والتحريم وهو معقول وخلوا العبد عن الفعل أو الترك لا يبرر عدم الأمر بالفعل أو الترك والعبد يترك بنية إطاعة المولى غير الذي يترك وهو غير قاصد وأجاب في البيان بوجه لطيف أن الحجة يعني في الفعل أو الترك قد تكون للمولى على العبد يعني في موارد التجيز كما في الواجبات والمحرمات وقد تكون للعبد على المولى وهي موارد الأعذار كموارد الإباحة إذا لو فصل العبد شيئاً مباحاً أو مستحباً أو مكروهاً غير حرام فقد أعذره المولى وليس للمولى عليه عقاب.


(1) البيان 1/198.