الشرط التاسع للمرجع:

التعيين على قول بعض وإما قولنا فلا يجب تعين المقلد.
حكم: تعارف حالياً الفتوى بوجوب تعين المرجع المقلد وتوحيده ولا دليل عليه فإذا قالوا في القديم فربما بيدهم الحق لعدم تيسر المواصلات للوصول والتعرف على أكثر من واحد وإما منذ ما يقلد في القرن الماضي وحتى الآن فقد كثرت وسائل النقل والمواصلات وكثرت المطابع والكتب وأمكن التعرف على العلماء بأي مكان وأرائهم في كل مسألة وحينئذٍ فأن لم يعين المكلف مقلداً معيناً وإنما يصلي كما يصلي الشيعة ويعمل بما عرف لأي مجتهد جامع الشرائط ويطلع أي رسالة عملية بدون أن يعرف المرجع الكاتب لها صح عمله إذ كما قلنا أن المهم هو المعلومة التي يعمل بها المؤمن وليس بالمهم الرجل الكاتب لها ما دام قد ثبت أن صاحبها مجتهد من الشيعة وبتمام الشروط والتقليد طريق للإطاعة وهو متبع فيه بناء العقلاء وما التقليد إلا رجوع الجاهل إلى العالم ومثاله إذا الإنسان إذا أراد يبني بيتاً فراجع الخرائط التي رسمها المهندسون الخبراء واختاروا أحداها لرسم بيته وسلمها للبناء حتى يعمل البناء بحسبها وهكذا المريض يراجع أي طبيب ولم يعرفه ولا يعينه ونفس السيد اليزدي (قدس سره) في العروة (1): التقليد هو الالتزام بالعمل بقول مجتهد معين.
بينما هو نفسه في حاشيته على منهج التستري (رحمه الله) بالسكوت عليه وهو يقول: (لو علم بأن واحداً من المجتهدين الأحياء الذين جمعوا شرائط المرجعية له فتوى خاصة في مسألة ولكنه لا يعرفه من هو؟ فالظاهر جواز العمل بقوله) (2) ومن ذلك مثلا لو نقل الخطيب فتاوى عديدة ولم يسمم مفتيها فعمل السامع ببعضها وقال في المتمسك: ومنه يظهر ضعف أخذ التعيين للمجتهد في مفهوم التقليد إلا أن يكون المراد به ما يقابل الترديد فأنه حينئذٍ لا بأس به إذ الفرد المردد ليس له خارجية كي يصلح أن يكون موضوعاً للحجية أو غيرها من الأحكام وأن أختلف المجتهدون في الفتوى فلما امتنع أن يكون الجميع حجة للتكاذب الموجب للتناقض ولا واحد معين لأنه بلا مرجح ولا التساقط والرجوع إلى غير الفتوى لأنه خلاف الإجماع والسيرة تعين أن يكون الحجة هو ما يختاره فيجب عليه الاختيار مقدمة لتحصيل الحجة (3).
وفيه: أن التردد قبل التطبيق ليس له أهمية صح أو بطل وإنما المهم عند التطبيق بأن المكلف سوف يتخذ أحدى الفتاوى وإما قوله اختيار الواحد بلا مرجح فليس به أشكال لأن الترجيح بلا علة غير ممكن وإما اختيار المكلف المختار وتعيينه فلا مانع لترجيحه وأيضاً لا إجماع لترك فتاوى واختيار غيرها قبل العمل بلا إشكال وجواز العدول بعد العمل بالأولى هو الأقوى كما سيأتي مسألة العدول وإما إذا كان الفتويان متوافقين فلا إشكال لعدم التناقض بل هو تقليد واحد سواء سمى هذا أو هذا أم كلاهما كما قلنا مراراً وأجاب في البيان عن إشكال أن المراد لا خارجية له قال: (وقد يوجه بوجود المقتضي وعدم المانع إما المقتضي فهو صدق رجوع الجاهل إلى العالم في مثله... ولا مدخلية للتعيين في رفع الجهل كما لا يخفى... وإما عدم المانع فلأن ما ذكر مانعاً لا يصلح للمانعية لأن عدم الخارجية للفرد المردد لا يسلبه إلا أهلية حمل الأمور الخارجية عليه فالرجل المردد بما هو مرده لا يكون زوجاً ولا يكون مديوناً ولا يكون قاتلا ً ونحو ذلك أما حمل أمر اعتباري عليه مثل الحجية والاستناد ونحوهما فلا إشكال فيه كيف وهو أمر اعتباري أيضاً وله تقرر في المعنى فوعاء الفرد المردد هنا ووعاء الحجية والاستناد من سنخ واحد وما دام لهما جامع لغرض اتفاق الفتويين فأي مانع في حمل أحدهما على الآخر) (4).
أقول هذا بالنسبة للقولين المتخالفين والأقوال وإما الحجة التي يتمسك بها المكلف فأنها تعرض للفتويين بعرض واحد.


(1) م8

(2) منهج الإرشاد 33.

(3) المتسمك 1/13.

(4) البيان 1/193.