القول الثاني: عدم تعيين تقليد الأعلم مطلقاً

حكم: وهذا قول مشهور أيضاً ممن قارب عصرنا من المتأخرين عن الشهيد الثاني مثل القمي والجواهر والضوابط والفصول والمستند وجامع الشتات.


قال في الجواهر (رحمه الله): بعد كلام طويل، فيجوز حينئذٍ نصبه أي المفضول مع وجود الأفضل والترافع إليه وتقليده مع العلم بالخلاف وعدمه وفي أواخر الضوابط.
قال: المقام الأول في أن تقليد الأعلم واجب أم لا... فأعلم أن الحق في المقام الأول عدم اللزوم.


وقال في المستند: وفي المسالك إجماع الصحابة على جواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل وأختاره المحقق وظاهر الأردبيلي الميل إليه ثم قال والحق هو الجواز وخيار الرعية مطلق للأصل والأطلاقات ويؤيده إفتاء الصحابة مع اشتهارهم بالاختلاف في الأفضلية وعدم الإنكار عليهم.


الدليل الأول: الأطلاقات والعمومات في الأحاديث الفقهاء والعلماء، كل محسن في صبانا؟ وأهل الذكر مع أن الأئمة حرصوا لهم وأجازوهم بالفتوى وأمروا شيعتهم بالرجوع إليهم بدون قيد بالأعلمية مع علم الأئمة(ع) أنهم يختلفون وأورد عليه: المنع عن كثرة الاختلاف بينهم وإذا حصل بعض ذلك تلافوه بمراجعة الأئمة(ع).
وأجيب الخلاف حاصل ولذا اختلفت الروايات بينهم التي بعضها يصحبها رأي الراوي وشرحه للرواية مما هو معنى الاجتهاد أشكال على عدم تعيين الأعلم.


حكم: قد يرد عليه، أن الاختلاف بين أصحاب الأئمة موجود ولا يقدر الإمام(ع) من الفرز والتقسيم بين الأعلم وغير الأعلم وأن فلان يتبع دون الآخر لشدة التقية ولا يتسنى للشيعة اللقاء للإمام(ع) كلما يريدون وإذا التقوى ليس له أولهم قدرة على تحصيل واقع الإحكام ولذلك صرح الإمام نفسه في سؤال السائل اختلاف الشيعة في أحكام الحج(ع) فقال(ع) (أنا خالفت بينهم لكي لا يعرفوا فيؤخذوا) وتعرف ذلك أيضاً من أحوال الأئمة(ع) ومطاردتهم من أمير المؤمنين(ع) حيث حجر عليه بمقدار 25 سنة والخلفاء يجورون ما يشاؤن ثم الإمام الحسن(ع) حيث حجر في المدينة مدة إمامته حتى سم ولم يتركوا(ع) جنازته المقدسة ولم يسمحوا له أن يشكل دراسة للمسلمين ولم يتوجه إليه الناس للتلمذة عنده ولو كان بحرية لشكل هو ثم من بعده الإمام الحسين(ع) جامعة أسلامية دراسية وجلب الآلاف الناس وعلموهم أحكام الدين في مدة عشرين بعد أمير المؤمنين(ع) ثم الإمام زين العابدين(ع) قد شدد عليه أكثر وأشد حتى كان الذي يمر عليه يؤخذ ويسجن أو يقتل وورد قصة من ظاهر زوجته ولم يستطع المرور للإمام(ع) حتى حمل سلة الخيار وصار بياعاً دواراً حتى مر إلى الإمام بهذه الحجة وسأله وكذلك قد أعتقل الإمام زين العابدين(ع) عدة مرات وجلب إلى هشام له وكذلك الإمامان الباقر والصادق(ع).
حتى حبسا عن هشام أياماً ثم فكهما هشام (لعنه الله تعالى) فمرا إلى دير النصارى فبلغاهم دين الإسلام فاستغلت السلطة وشهرت عليهم إنهما تنصرا وغلقت دونهما باب المدينة.
ثم بعد الإمام الصادق(ع) في زمان المنصور (لعنه الله تعالى) إلى بغداد وإلى الحيرة والكوفة واختفى الإمام الكاظم(ع) في مكة أيام المنصور ثم ظهر أيام هارون (لعنه الله تعالى)فسجن عشرين سنة حتى قتل بالسم وأبعد الإمام الرضا(ع) إلى مرو وسجن في سرخس وهو مقيد وأبعد الإمامان الحسن العسكريان(ع) إلى سامراء وسجنا في خان الصعاليك واختفى الإمام الحسن العسكري(ع) مدة إمامته بعد أبيه بالإقامة الجبرية وكيف كان فهذه أحوال الأئمة وأشتد منها أحوال الشيعة من المطاردة والسجن والقتل فلم يتمكنوا أن يسألوا أئمتهم كل ما يريدون ولذا لم تر من روات الأئمة(ع) ممن باشر لقاءهم إلى مقدار ألف إنسان أو يزيد إلا رواة الإمام الصادق(ع) فأنهم أربعة ألاف أو يزيدون وما كانوا هكذا إلا بسبب الهدنة والفرصة التي حصلت بضرب العباسين للأمويين (لعنهما الله).
وأن الجواب التقية من الأئمة كان لم يعرفوه الشيعة إلا خواص الرواة حيث يشيروا لبعضهم بالقول (هذا من جراب النورة) وإما في زماننا ومن قبلنا في عصر الغيبة فقد حصل العلم بالحديث الطبيعي من حديث التقية وغير الطبيعي فلا يمكن أن نستند،على اختلاف أصحاب الأئمة في إسقاط تعيين الأعلم وفيه أنه مع ذلك فالمطلقات محكمة وعدم تقييدها من الأئمة محكمة.