سابعاً: أصالة التعين:

وهذا الأصل عملي وعقلي عند الشك في تقديم الترجيح أو التخيير وهذا يمثل بخصال الكفارة فهل يقدم العتق أو هو مخير بينه وبين الصوم والصدقة واختلفت فيه فهل هو من قبيل الأقل والأكثر فهو كالشك بين المطلق والمقيد حيث أن تعيين العتق مقيد والتخيير مطلق أو هو كالشك بين المتباينين بدعوى أن أدلة البراءة لا تشمل المعين لمعارضته بجريانها في الواحد المخير وليس بينهما قدر مشترك خارجي أو ذهني يعلم تفصيلا ً وجوبه فيشك في الزائد ونمثل للمعلوم تفصيلا ً والشك في الزائد مثل أنا نعلم وجوب سورة الحمد في الصلاة ونشك في وجوب السورة بعدها فهذا لا شك بينهم بعدم وجوب المشكوك ويمثل الذهني كما إذا علمنا بوجوب نية القربة إلى الله تعالى ويشك بوجوب فيه الزائد على ذلك من الوجوب والتوقيت وباقي الخوصيات فالكلمة واحدة على سقوط المشكوك أقول يمكن تصوير القدر المشترك وهو وجوب واحد من الخصال والزائد عليه وهو تعيين واحد معين هو الزائد المشكوك فنعمل بالوجوب بدون القيد الزائد وهذا الاحتمال الثاني هو الأقرب وأستشهد له بأحاديث البراءة (ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم)، والناس في سعة ما لم يعلموا (1).


قال في التنقيح: التكليف بالجامع بينهما أعني أحدهما لا بعينه معلوم لا شك فيه وإنما الشك في أن خصوصية هذا وذاك هل لها مدخلية في متعلق الوجوب ولا مدخليه لها ولا شبهة في أن اعتبار الخصوصية.
كلفه زائدة وموجب للفسق على المكلف فمقتض أصالة البراءة أن الخصوصية غير معتبرة في متعلق الوجوب وعلى الجملة أن دوران الأمر بين التعيين و التخيير من الشك في الإطلاق والتقييد بعينه.
حكم: قبل الغور بالأقوال في مسألة الأعلم ومناقشتها نحب أن نشير أن كل مجتهد لا بد أن يستوعب مسألة أو فصلا ً من فصول الفقه ويكون أعلم من غيره من الفقهاء في استنباطه وتنفتح له أبواب من القرائن حول المسألة بما لم يرزق (الله تعالى)غيره وحتى الأعلم منه في نظر الحوزات وكل مجتهد يحسب عند الفضلاء أنه أعلم مطلقاً لا بد أن يخفق في أبواب ومسائل كثيرة أما غير المعروف بالأعلمية حتى قبال بعض تلاميذه ولذا ترى كل تلميذ يكتب تعليقات على رسائل أستاذه وأستاذه يسلم له والحوزة تخضع لفكره في التعلقيه في رد أستاذه الذي يعتبر عملاقاً في الفقه وعليه فلم يوجد من العلماء من هو أعلم مطلق مطلقاً ويوجد من هو أعلم جزئياً وبهذا لا كاسب ولا مكتسب الجزئي سقط الأشكال وانغلقت البحوث.


(1) البيان 2/53 عن التنقيح 1/150.