الإشكال فيها:

حكم: أشكل المشهور أشكالا ً محكماً ومقبولا ً وهو كون الرواية جاءت في التفصيل في باب الخصومة والمرافقة وأسراء الحكم إلى باب الفتوى يكون من أسراء حكم من موضوع إلى آخر وهو قياس مرفوض عند الشيعة وعلل باختصاصه بالتفصيل والتفضيل أنه في القضاء لا يمكن القول بالتخيير بين القاضيين لحصول المنازعة فلو قلنا بتخيرهما أشتد النزاع والخصام فلا بد أن نحسم المراجعة ونعين أحد القاضيين وهذا بخلاف باب الفتوى فأن التخيير يعطي الحرية للناس في اختيارهم هذا في القضاء وإما في الخبر فالمشهور التخيير إذا كان الخبران ثقتين وفي الفتوى أيضاً نميل للتخيير وهو قول لا يخلو من شهرة تقرير ما في الرسائل.


حكم: ورد في كتاب فرائد الأصول للشيخ الأنصاري(رحمه الله)(1): أن ملاك التقدم في المقبولة إنما هو الصفات الأربع أعدلهما وأوفقهما وأصدقهما في الحديث وأورعهما على نحو بشرط شيء بحكم واو العطف لا الأفقهية فقط فلا تكون ملزمة بمجردها بل منظمة إلى الصفات الثلاث الآخر.
وهذا الطرح نوقش فيه: بأن سؤال الراوي كان عن صورة التساوي بين الحاكمين فقط ولم يتعرض عن تفاضلهما هذا يكشف عن أن الواو للتنويع أي أن كل صفة مرجحة مستقلة أي على نحو لا بشرط ورد بأن هذه الدعوى لا تدفع كون الواو للجمع وأن كل صفة بشرط شيء بل هي مجرد استبعاد.
أقول: ولو سلمنا أن كل صفة تطلب مستقلة فلا بد من التدريج والتفاضيل فأن الأعدلية قد قدمت على الجميع وأن الصفات غير الافقهية قد أكد عليها الإمام(ع) فالأصدقية والأورعية إنما هما مصاديق للعدالة وللأعدل فما أكده الإمام هو المؤكد شرعاً فما يقوله الذي يعين الأفقهية ويؤكد عليه ويجعل التخيير فيما تساوياً في العلم لأوجه له بل هو خلاف الحديث فمقتض الحديث أن نقدم الأعدلية ومن ملازمتها الأصدق والاورع فإذا تساوا العلماء في ذلك فاللازم نفحص عن الأعلم في ثاني الحال ولا وجه للبحث عن الأعلم في أول الحال وعلى كل حال فأن عدم نفوذ حكم المفضول لمصلحة الحكم القضائي وليس هو مطلق شامل للفتوى والتقليد.


(1) البيان 2/36 عن فرائد الأصول 773.