(الطريقة العقلية قد تخالف الحجة الشرعية)

حكم: في كثير من الأحوال تأتي الحجج الشرعية مثل الأخبار الصحيحة سنداً أو الآيات الكريمة مما يظهر أو يظن فيها معنى تعارض النظرية العقلية المقطوع بها مما أشتغل الفقهاء على تأويل الحجة الشرعية المقطوع بخلافها مثلا ً من الثابت بالقطع واليقين بأن الرسول الأعظم(ص) [وآله عليهم السلام]على حق وأن الكافرين على باطل ولا مساواة بينهما ولا احتمال بذلك فكيف يقول الله تعالى:[وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ](1).
فيجب تأويلها أنها ليست مخبرة عن الحقيقة وإنما أمر الله رسوله لجلب الكفار والاحتجاج عليهم فيحجهم بعدم أدعاء الصلاح لنفسه وكذا قوله تعالى:[وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ](2).
فهل يمكن أن يكون الأنبياء وسيدهم محمد(ص) مشركين بالله تعالى؟! وكذلك قوله تعالى:[وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى](3).
وقوله تعالى:[لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ](4) وكذلك قوله تعالى:[قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ](5).
وهي آية مكررة وما شابة من وصف الرسل والمقدسات بشيء لا يناسب ومن تلك التأويلات أنها خطاب للرسول(ص) ويعين غيره كما قال الإمام الصادق(ع): (أن القرآن أكثره نزل بأياك أعني وأسمعي يا جارة).
وفي الحديث أيضاً كثير مثل لعن أجلاء أصحاب الإمام الصادق(ع) المحمول على التقية ومن الروايات التي تثبت أحكاماً تخالف طريقة أهل البيت(ع) ولذا ثبت عند الفقهاء أنهم يعملون بالأحاديث الصحيحة ويقطعون منها ما يخالف المعلوم من مذهب الحق أو يعملون.
بجمل من الحديث ويعرضون عن جمل أخرى منه وقد تعارف تقطيع الحديث إلى مقبول وغير مقبول بإجماع الفقهاء وبعكس ذلك أيضاً متبع فكثير من أعراف العقلاء قد دأبوا على شيء وجاء الشرع قد غيره ونهى عنه وخالف المشهور الاجتماعي وعليه فليس النظرة العقلائية بأن شيئاً أقرب إلى الواقع يجب علينا أن نتبعهم في نظرتهم إذ ربما للأقربية مناط آخر غير المنظور للعقلاء ومنه ظن العقلاء بأن الأعلم فتواه أقرب إلى الواقع فلم يثبت ذلك في الشرع ولذا ترى الروايات قد أطلقت في تقليد الفقهاء وأنهم حجة للناس.


(1) سورة سبأ:الآية 34 /24.

(2) سورة الزمر: الآية 39 / 65 -66.

(3) سورة الضحى:الآية 93 /7.

(4) سورة الفتح: الآية 48/3.

(5) سورة الأنعام:الآية 6/ 15.