وثانياً: ببناء العقلاء

بأن العقلاء يقدمون الأعلم ولذا ترى المريض وأهله يصرفون المبالغ العظيمة للطبيب الأعلم مع وجود أطباء أقرب وأرخص منه.
وفيه: هذه مبالغة بل حال العقلاء بالعكس فأنهم يقاسون بين المقدمات والنتيجة فيقدمون الأرخص والأحسن أخلاقاً والأصدق والأكثر أخلاصاً في الكشف والتطبيب والأقرب نسباً أو صهراً أو مكاناً نعم مع الخوف الشديد يرجعون إلى الأعلم إذا وثقوا بأنه يستعمل علمه ولا يقصر ولا يغش ولا يقدموا الأعلم حتى لو علموا أنه أعلم ما لم تكن لهم عينات ترشدهم بأن معاينته أضمن للصحة من خلال استقراء مرضاه وتاريخه الطبي.
ولو كان العقلاء يقدمون الأعلم فقط ويعرضون عن كل الوجوه والاعتبارات لسد ألف طبيب في المدينة عياداتهم وأشتغل عشرة أطباء منهم مع أنا نرى كل مدينة في العالم كل الأطباء مشغولون وكل العطارين يوصف الأعشاب وكل المضمدين بالتضميد وخز الإبر وهكذا قل في المهندسين والمحامين والبنائين والنجارين والحدادين والحمالين والكتاب والقضاة هذا بالإضافة إلى أن قياس عيادات الناس في شؤنهم على المناطات والأوامر الشرعية بحاجة إلى جرأة وتجاوز.