الشرط الثامن: (الأعلمية على قول بعض):

حكم أفاد في العروة (1)، (يجب تقليد الأعلم مع الإمكان) وإنما قيد (مع الإمكان) لعدم تقليد الأعلم لصعوبة التعرف والتواصل وتحصيل فتاواهم كما في الأزمنة القديمة لبعد المسافات وعدم الوسائل للاتصال وإما لصعوبة التشخيص أقول في البدء وقبل أن نخوض بما قيل وقالوا:
أولاً: يمكن أن يدعي بسلب الصغرى ثم سلب الكبرى فلا يوجد شخص أعلم من كل المجتهدين في كل العالم في كل المسائل الشرعية في كل الدورة الفقهية وإذا وجد فلا يستطيع أحد من تلاميذه أن يرد عليه أو غير تلاميذه وإذا رد عليه ومنذ آراءه فستخجله الحوزات العلمية الشيعية في العالم من إيران والعراق والخليج والغرب والشرق بينما نرى التلاميذ يلفتون أنظار الأساتذة وتؤيد الحوزة التلميذ وتشد على قوله وتوقف الأستاذ عن قوله وتفنده هذا السيد الخوئي (قدس سره) قد تراجع عن ثلث فقهه مرارا ً في حياته بسبب تراجعه عن قاعدته الرجالية حيث صحح كل رجال كامل الزيارات فرده تلميذه الشيخ الأفغاني الفاضل المحسني (قدس سره) فرجع عن إصراره فرجع عن مسائل كثيرة مرتبطة برجال كامل الزيارات.
وثانياً: أنا لم نر من أشتهر بالاجتهاد وصار مرجعاً للتقليد إلا من كان يدير الحوزة مالياً ويصير له بذلك رجال ووكلاء ومقلدون على قدر ما يستطيع من الإرادة والشمول وعلى ذلك قد مات كثير من المدرسين للمجتهدين وأعلام الحوزات ولم يقلدهم حتى أهل بيتهم لفقرهم ولم يقلد ويعرف بالاجتهاد أو الاعلمية إلا غيرهم من تلاميذهم وغيرهم ممن يفقد الحالة المالية لم يقلد.
ولو كان أعلم المجتهدين ومن مدرسي المجتهدين ولم يقلده حتى أهل بيته ومات فقيراً حافياً مريضاً على ذلك وإما سلب الكبرى فكما يلي وهي الأشكال في وجوب تقليد الأعلم وتعيينه.
وثالثاً: حتى لو ثبت الصغرى وهو وجود الأعلم واقعاً في عالم الثبوت فلا نستطيع نستطيع تشخيصه في عالم الإثبات إذ كما قلنا أن كل جماعة من الفضلاء يرون أن فلاناً أعلم ويصرون ويجادلون ويأتون بالقرائن ويستقرأون الأحكام والأحداث وبذلك يتعذر التشخيص وأنت ترى أن كل طلاب مجتهد مرجع تسألهم عن الأعلم فيثبتون لك بأن مرجعهم ومدرسهم هو أعلم ويأتون بقرائن ونظائر كثيرة غير الأعلم حجة لنفسه أم لا.


حكم: إذا كان شخص غير أعلم فهل يجوز أن يعمل على رأيه أم يجب عليه أن يتبع فتوى الأعلم أن قيل لا يجوز بحجة أن الفتوى من مناصب الإمامة وأنه أعطي للأعلم في عصر الغيبة فكما لا يجوز في وقت وجود الإمام أن يتبع الصحابي رأيه وإنما يتبع الإمام(ع) وكذا غير الأعلم يجب أن يتبع الأعلم وإذا شككنا في حجية قول المفضول لنفسه فالأصل عدم الحجية.
وفيه: أن الفتوى من مقام الإمامة ولكن الإمام(ع) أجازه لأصحابه من معاصريه وأوصى للعلماء بحديثهم من بعده وجعلهم حجته على الناس وحرم الرد عليهم وجعل وجوب الرجوع للأعلم كوجوبه الرجوع إلى الإمام المعصوم(ع) قياس مع الفارق لأن الرجوع إلى الإمام رجوع للقطع واليقين من الشرع بينما رجوع إلى الأعلم لم يضمن أنه رجوع إلى الواقع لاحتمال إن فتوى نفسه وهو غير الأعلم كانت هي الواقع المشرعي بل احتمال تحريم رجوعه إلى غيره لأنه يخطئ ذلك الغير يعتقد بمخالفته للأدلة التي أفتى بحسبها وربما كان فتوى المفضول موافقة للاحتياط أو مواقفه لمن هو أعلم من الذي أعلم حالياً فيكون بترك فتوى نفسه ورجوعه لغيره قد خالف الاحتياط في الدين وخالف الأعلم.


(1) البيان 2/5 عن العروة م12 في التقليد.