الأقوال في المسألة:

حكم: المشهور بالأقوال بالإضافة إلى التشكيكات الماضية منها
الأول: قول العروة وهو لزوم الاجتهاد المطلق.
الثاني: كفاية مقدار معتد به من الاجتهاد من مداركه.
الثالث: كفاية اجتهاد مسألة واحدة عن أدلتها التفصيلية.
والأول أشتهر في المتأخرين وأدلتهم.
1- الدوران بين التعين والتخيير من حيث إن تقليد المطلق يجزي تقليده يقيناً فهل يعين أو المقلد مخير بينه وبين أن يقلد متجزياً ورد بأنه الأصل عند الدوران ليس التعيين مطلقاً بل ما يصدق عليه أنه من الفقهاء صائناً لنفسه وأنه حجة بأمر حجة الله كفى التقليد له والقيود الزائد مرفوضة فالإطلاق هو المعين 2- استدلوا بالروايات وأنها تدل على الاجتهاد المطلق لإطلاقها وظاهر أطلاقها بالعكس فأنه لمطلق الاجتهاد وليس للاجتهاد المطلق منها قوله: نظر في حلالنا وحرامنا(1).
وقوله: فأما من كان الفقهاء(2)، وقوله تعالى:[فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ](3).
3- أن أدلة التقليد هو الإجماع والضرورة والمتيقن منها الاجتهاد المطلق فلا يجزي المتجزي.
ورد: أن الدليل اللبي إذا كان لمعقده أطلاق أخذ به فليس كونه لبياً يوجب عدم إطلاقه ومعلوم أن الآيات والروايات المطلقة فتشمل المتجزي.
4- إذا قلنا بحجية فتوى المتجزي لزم الدور وذلك لأن حصول العلم بأن للمجتزي بحجية فتواه متوقف على العلم فتوه حجة حتى يستند عليها ويفتي فإذا سقط عن هذا العلم لنفسه سقط حجية فتواه للآخرين وأجيب ناقضاً بالمجتهد المطلق أيضاً يشك في كل مسألة مسألة مرة بالحجية لنفسه وللآخرين وأخرى يشك بكل علمه ورسالته كذلك ومعلوم أن حكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد وحلا ً بأن الحجية تتوقف على العلم الذي يحصل للمتجزي بالحجية ولكن العلم بالحجية لا يتوقف على الحجية فأن الحجية تتوقف على الأدلة العامة المتفق عليها من الكتاب والسنة وقرائنهما.
5- استصحاب عدم حجية فتواه كما هو حاله قبل الاجتهاد واستصحاب حجية فتوى الغير بحقه وألزمه بالعمل عليها وأجيب بأن الاستصحاب منقطع بالعلم الحاصل له موضوعاً وحكماً [قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ] (4).
القول الثاني:
حكم: أن القول الأقرب ولعله غلب في العصر القول به هو جواز تقليد من اجتهد بمقدار معتد به من الإحكام فلا يجوز تقليد من أستنبط مسائل قليلة لعدم ضمان استقرار رأيه حين يتوسع ويمارس الاستنباط أكثر ولا يلزم أن يجتهد بكل الدورة الفقهية مع أنا سبق أنفاً أن أشرنا بعدم نهاية الدورة الفقهية لأن في كل عقد يتوسع الناس باختراع أعمال ومسائل وأفكار يتحير المجتهد في تطبيقها على قواعدها الشرعية والخلاف دائر بين مرجع وآخر بكل مسألة مسألة من المستجدات كالخلاف الذي يتزايد في المسائل المطروحة قديماً ونسبتها لأدلتها فالذي أجتهد بمسألة أو مسألتين يشكل تقليده من جهتين
أولاً: الشك بصدق العناوين عليه (عرف حلالنا) (وأحكامنا) (أنه من الفقهاء) (أنه حجتي عليكم).
وثانياً: بعدم ضمان استقرار رأيه حين يتوسع ويرى أدلة بقية الإحكام وهذا ثابت لكل المجتهدين في العصور وتبدل الرأي من يوم لآخر ومن ظرف لآخر لا يترافع عليه أحد من غير المعصومين(ع).
فإطلاق المجتهد أو الفقيه والعارف للحلال والحرام على عارف المسألة والاثنين يمكن ولكن بصعوبة واستحياء وإما دعوى أن أصحاب أهل البيت(ع) الذين وثقوهم وأجازوهم الفتوى بين الناس ما كانوا مجتهدين بالمقدار المعتد به.
فبعيدة: أولا ً أن المجازين للفتوى لم يكونوا صغار الرواة بل عظماؤهم كيونس وزرارة وجميل وأبن عمير وأبي بصير وأبن آدم.
ثانياً: أن الرواة في عصر المعصومين(ع) لم يخرجوا عن كونهم رواة لأن الإدارة ورعاية المسلمين وتنظير الأمور ورعاية أنفسهم ليس بأيديهم وأن الإمام يرعى شؤونهم ويخبرهم بكل خطيئة علمية إذا وقفوا بها.
بخلاف فقهاء عصر الغيبة فأنهم مقطوعون عن الراعي المتابع لما علموا ولما عملوا وأنهم يتبنون آراءهم لا أحد يوقفهم عنها لو ابتعدوا عن الواقع فلا يصح أن يمثل هؤلاء بأولئك.
وإما الاستدلال برواية أبي خديجة إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ولكن أنظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايا (قضائنا) فاجعلوه بينكم فأني قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه (5) قد ظهر جوابها مما آنف.


(1) الوسائل ب 11 ج1 صفات القاضي.

(2) الوسائل 10/20.

(3) سورة النحل:الآية 43.

(4) سورة الرعد:الآية 13-16.

(5) البيان 3/15 عن الوسائل 1/5 صفات القاضي.