أسباب تأكيد العلماء على مسائل الشك في الصلاة:

حكم: تعارف في الرسائل العملية التأكيد على تعلم مسائل الشك والسهو في الصلاة كتعلم كيفية الصلاة عموماً لأسباب:
أ ـ أنها كثيرة الابتلاء بحيث لا تجد شخصاً إلا وقد يحصل له الشك والسهو في صلاته في كل يوم.
ب ـ لان هذا الشك أو السهو يحصل في إثناء الصلاة مما لا يقدر إن يحقق مع المعلم أو يطالع الكتب فيضطر لقطع الصلاة وقد قيل بتحريمه أو بناء على بعض الوجوه مما يحتمل المخالفة أو غلبة المخالفة.
ج ـ استخفاف غالب العوام بهذه الجزيات من العبادات كالإحكام الثانوية في المعاملات
وبالجملة فالكلام في ناحيتين:
الناحية الأولى: إن للمكلف وجوها يتخلص بها من ورطة الشك أو السهو لو حصلا كالحلول المذكورة آنفاً من صرفها للقضاء وإكمالها وإعادتها أو إتمامها على بعض الاحتمالات ثم السؤال عنها فان صحت وإلا أعادها.
الناحية الثانية: لو قطعها قالوا بان قطع الصلاة حرام ولذلك حرموا بفسق من لم يتعلم الشك والسهو.
وهو مشكل أولاً لعدم ثبوت حرمة قطع الصلاة في نفسه وثانياً لو ثبت التحريم فهو ليس بمطلق وانه لا يشمل القطع لعلة من خطأ أو نسيان أو شك أو ضرورة طارئة كسقوط طفل وحدوث شيء مخيف وغير ذلك.
وثالثاً: لو ثبت إطلاق التحريم فمن جهة عدم قطعة بحصوله في الصلاة المستقبل ودخل الصلاة وهو لم يتعلم فهو متجرىء وقد اشتهر شهرة عظيمة عدم حرمة التجري بل هو سوء فاعلي لا فعلي وانه معفو عنه شرعاً كما في الروايات في تفسير قوله تعالى:[ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ](1) وان قلت ان سوء الفاعل وخبث نفسه ينافي ملكه العدالة وكل غير عادل فهو فاسق.
وفيه: إن العدالة يختلف باختلاف الأشخاص ووظائفهم الشرعية ومقامهم في الإسلام فلا تراد ملكه العدالة من كل أحد فمن المرجع الديني والإمام والمقتدى بهم في الأمة الإسلامية فلا بد من الملكة وإما في الشاهد مثلاً فالعدالة معناها التوثق بالصدق وإما في عوام الناس فهو ظاهر الصلاح والتدين بين الناس.
إن قلت إن التعلم للواجبات المبتلى بها واجب نفسي وتركه موجب للفسق قلت: قد قلنا في أول المسائل إن العلم والتعلم واجب مقدمي وبنينا على ذلك صحة العمل إذا طابق الواقع ثبوتاً وان كان لم يعذر ظاهراً في مرحلة الإثبات.


تمييز الصالح عن غير الصالح:

حكم: لا يخلو تقييم الشخص الصالح والخير والمحترم والمقدس في عرف الناس عن عرف المتشرعة والحوزات العلمية من اختلاف ففي عرف الحوزات العلمية هو الشخص التام العدالة وظاهر الصلاح في لسانه وسيرته فاعل للواجبات وتارك للمعاصي والمحرمات لا تعمد كبائرها ولا يصر على صغائرها مهذب الأخلاق حسن العلاقات طيب الملاقات.
وإما عند العوام خصوصا عند الإعراب يقال له الملة فلان والخيرّ فلان يعني انه يستحرم أولاً يمارس السرقة أولاً يهتك الإعراض ظاهراً أو انه لا يتكلم بالمجالس بالكلام الفاحش أو انه يستحرم الخمر أو انه لا يضرب زوجته وأولاده أو انه لا يزني ولا يسرق ولا يقتل أو انه هادئ السيرة غير صخاب ولا متعصب فهذا هو العادل عند الإعراب ومعلوم إن المناط الشرعي الذي نحاسب عليه ونقتي الناس بحسبه هو عرف المتشرعة والعارفين وفضلاء الدين.

 


(1) البقرة: 2 / 284