العقل يدرك ويحكم لو أثير:

حكم: قد قلنا مراراً أن أوامر الطاعة من قبل الشرعية أنها إرشادية وهل هو يحكم أو يدرك فيه خلاف بين العلماء فنقول بماله علاقة بوجوب التعلم
أ ـ إن العقل لا يدرك ولا يحكم ويغمى عليه إذا كان صاحبه أراد الضلال فأضله الله تعالى بعد إصراره على التجاهل والعصيان.
كما في الآيات المباركة الكثيرة منها قوله تعالى:[أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ](1) وقال تعالى [وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ * وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ] (2) .
وبالجملة أن الذين يريد أن يغفل يغفل ولا يكون عقله مدركا ولا حاكما.
ب ـ وإما غيرهم وهم الذين يريدون الهداية ونفسه طيبة من معرفة الحق وهو لم يفهم وليس له طريق فان عقله يدرك الحق ويأمره ويحكم عليه.
ج ـ وان وصل بيده الأوامر الشرعية فان عقله يدرك ولا يحكم فيتبع الشرع والشرع يشذب له أفكاره ويهذب نفسيته لقبول الهدى والزيادة من العلم والمعرفة والتقوى والزهد والالتزام [وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ](3).
وهذا إن الفريقان عقلهم يدرك فيتبعون الشرع الشريف والشرع مرشد لهم وإما مقام المشرعين وهم النبي الأعظم محمد(ص) والأئمة(ع) فكل الأوامر من (الله تعالى) لا غيرهم فهم الأوائل في الهداية ومنهم يعرف الشرع.
كفالة العلم الإجمالي
حكم: المهم إن يعلم المكلف أداؤه الواجب وصحته وصحة تطبيقه للإحكام وذلك لان المعرفة والعلم بالتفضيل إنما هما مقدمة للعمل سواء عبادة أو معاملة.
وان كان العمل العبادي أو المعاملي مطابقاً للواقع ولكنه بقي جاهلاً بصحته ولم يفحصه للتأكد فهو قبح فاعلي كما قالوا في باب التجرىء فعمله صحيح ونفسه عاصية معفو عنها حسب الأدلة النقلية واللبية.
نعم بالنسبة للعبادة يشكلون بها من حيث انه كيف ينوي القربة بشيء لم يعلم بطلانه من صحته؟
ويجاب بان احتمال الفاعل وافتراضه كاف في قصد القربة والنفوس مختلفة فأنك ترى إنسان يفعل المعاصي والمخالفات والتجرآت في موضع
طاعته وهو ملتهٍ عن لزوم التصحيح زاعم انه يحسن صنعاً وآخر باحتمال مخالفة بمقدار قطميرة تراه يبكي ويرتجف ويطير من عينيه النوم أياماً وليالي.
وعلى كل حال إذا قصد القربة وكان الواقع عمله صحيحاً فقد صحح المحققون عمله وهو الأظهر.


(1) الجاثية: 45 / 23.

(2) سورة محمد: 47 / 16 ـ 17.

(3) سورة محمد: 17.