لا تعيين بعد التخيير أيضاً؟:

حكم: إذا عين احد الفتويين فإذا التزم بها ولم يعمل بها بعد فلا اعتبار بالالتزام كما قلنا وإنما هو طريق إلى التقليد كالإنسان إذا لبس الإحرام ونوى نية الإحرام لحج أو عمرة ولم يلبَّ بعد فلا عبرة بلبسه ولا بنيته.
وأما إذا التزم بالتقليد وعمل بعض الأعمال فمقدار ما عمل يعتبر مقلداً والزائد عليه هو حر يقلد من يشاء فلوا اختار غير الأول بغير مقدار ما عمل لم يعتبر عدولاً.


وجوب التعلم:
حكم: ان بحث التقليد والاجتهاد في الرسائل العملية ومنها العروة غير منسق في التدرج فالمفروض ان يبدأ بالكلام على وجوب التعلم ووجوب التقليد ثم ينتقل إلى تعريف التقليد والمرجع وشروط المرجع وهكذا فقد تراه بدأ بوجوب التعلم ثم انتقل للاحتياط ثم الكلام على المرجع الميت ثم مسائل العدول وتراوح بين الموت والاعلمية والعدول وقبل أن يبين شروط المرجع وما شابه
فالمرجو من المؤلفين للرسائل العملية بالمستقبل ان يراعوا الترتيب في بناء موضوع على موضوع ولا يخلطوا اللاحق بالسابق أو يسبقوه عليه والله الهادي الى الصواب.
ولا بأس هنا ان نتدرج من جديد حتى نجعل خلاصته لما سبق ونبني عليه ما يحلق.


 حكم: يجب على المكلف تعلم كليات الأحكام من العبادات والمعاملات كما يجب عليه تعلم جزئياتها وشرائطها ومواعضها ومقدماتها(1) وهذا اعم من العلم بنفس العبادة والمعاملة والعلمي إليه يعني مثل الأدلة الأربعة والتقليد بالنسبة للعامي أو الاحتياط.
والوجوب إما إن يكون فطرياً وقد قسم إلى فطري حيواني وهي الطبيعة والعادات الموجودة في الحيوان وسائر الإنسان من العاقل وغيره ويمكن إن يفسر الوجوب هنا بالوجود الثانوي.
وفطرة إنسانية، وهي العقيدة الحقة التي يولد عليها الإنسان كما في الخبر (كل مولود يولد على الفطرة إلا إن أبويه يّهود انه ينّصرانه ويمّجسانه) وكما في قوله تعالى [فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا](2) والملاك بالفطرة الإنسانية للوجوب هو دفع الضر المحتمل فإذا علم الإنسان ولو بحسب فطرته انه مكلف علم بوجوب أداء التكليف دفعا لغضب المولى وللضرر اللاحق به منه أو عقلياً بملاك وجوب شكر المنعم (أو دفع الضرر المحتمل كما فصلنا في علم الأصول) أو عرفيا عقلائياً والوجوب فيه بملاك الوصول إلى المقاصر وطلب السعادة في الدنيا والآخرة.
أو شرعياً، ويعرف من الأدلة المطروحة للمكلفين واشكلوا على المنهج الفلسفي انه كيف يضع اجتماع علل للوجوب من ملاكات عديدة مع إن القاعدة استحالة اجتماع أكثر من علة لمعلول واحد وأجيب بأن هذه ليست علل مادية وإنما هي علامات ووجوه للوجوب ودلائل عليه ومن الدلائل الشرعية الحديث في تفسير قوله تعالى [فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ](3)
عن مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمد وقد سئل عن قوله تعالى [فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ] فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالما؟ فان قال نعم قال له أفلا عملت بما علمت؟ وان قال كنت جاهلاً قال له أولاً تعلمت حتى تعمل؟ فتلك الحجة البالغة(4).
وصحيح مؤمن الطاق عن الصادق(ع) (لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا)(5).


(1) هذه مسألة 27 في العروة.

(1) الروم:30.

(3) الانعام: 6 / 149.

(4) البيان 3 / 481.

(5) الوسائل 9 ح13 صفات الكافي.