أقسام الوضع اللفظي:

الوضع: لا بد من تصور معناه حتى يوضع اللفظ لذلك المعنى والتصور قبل الوضع أما لنفس المعنى وأما للحاكي عن المعنى والمعبر عنه بوجهه وقسموا كلا من الوضع والموضوع له إلى عام وخاص فاعتبروا الوضع الخاص للموضوع الخاص مثل أحمد وضع للشخص المعين والوضع العام للموضوع له العام قالوا كأسماء الأجناس كماء وسماء وإنسان والوضع العام للموضوع له الخاص ومثلوا له بأسماء الإشارة والضمائر و الاستفهام والوضع الخاص لموضوع له عام واتفقوا على صحة الاثنين بلا تأمل وغلب قبول الثالث واتفقوا على عدم قبول الرابع إلا من شذ والأقرب عندي أما إن الكل ولو بمعنى زمان على الوضع وأن كان شإذا وذلك فإن الحروف المعنوية وأسماء الإشارة وضعت للعموم ولكن يمكن أن تنحجر بعد مرور زمان وتتعارف على شخص معين ويهجر وضعها الأول فتأمل وأما الرابع كحاتم إنه وضع لخصوص الطائي ولكن شاع استعماله بعد وفاته على كل كريم ومن هذا القبيل وردت الآية الكريمة [يا أخت هارون] إذ ان هارون شخص معين أتخذة الناس رمزاً عاماً للتقوى والورع يحاسبون عليه كل من ينتهي إليه وكذلك عادات العرب إنهم يطلقون على عشيرة بني سليم مثلاً يا أبن سليم أو يا أخا بني سليم على مئة ألف شخص وبمئات آلاف السنين والاستعمال لا يشترط فيه آنية الوضع ويمكن أن نفتح باباً جديداً بأن نقسم ذلك:
بان الوضع العام والموضوع له عام ولكن يستعمل في الخاص في الثالث وفي الرابع وضع خاص والموضوع له خاص كما قلنا كحاتم والمستعمل فيه عام بان استعمل تعييناً أو تعين للأعم من الموضوع له وأظن أنا قد تصالحنا بذلك.

 

 حكم: اختلفوا في المعنى الحرفي:
أي الحروف المعنوية مثل حروف الجر والجزم والاستثناء بل كذا أسماء الإشارة والأفعال الناقصة وما شابه فبعض قالوا: أن لا معنى لها أصلا وإنها كإشارات الأعراب والبناء من الفتحة والضمة وهكذا وبعض قالوا إنها كالأسماء فمعنى على هو معنى الاستعلاء.
والثالث: أن الحروف لها معنى الأسماء إلا إن الأسماء تستعمل لنفسها بمعنى مستقل والحروف لتستعمل معنى لغيرها والأكثر على المعنى الثالث والتمثيل لذلك وهو أن المعاني بنفس السياق فمثلاً الاستعلاء يدل على المعنى كذلك يدل عليه حرف على واستفادة الابتداء من(من) والانتهاء أو الغآية من إلى وإنما الاسم مرة يستعمل مستقلا ويستعمل آلة في جملة فإذا أستعمل في جملة فهو بنفس الرتبة التي يستعمل فيها حروف المعاني فلا فرق بين قولك سرت من البصرة وقولك سرت مبتدأ البصرة وسرت إلى كربلاء أو سرت غايتي كربلاء أو منتهياً بكربلاء وهكذا والحرف لا يستعمل إلا في جملة فالمعنى ثابت والفرق في الاستعمال ثم يلزم الإشارة إلى أن الوضع سواء كان تعيينياً تعيناً لا يكون عاماً أولاً خاصاً والعلماء عبروا به وقصدوا الموضوع فالموضوع عاماً كالحرف مثلاً خاصاً كأحمد والموضوع له وهو هذا المولود المعين خاصاً والمستعمل فيه نفس الشخص يطلق عليه الاسم في طول حياته فلاحظ جيداً.


حكم: الوجودات على أربعة أقسام:
أ- وجود في نفسه لنفسه بنفسه وهو واجب الوجود وهو الله.
ب- ووجود في نفسه لنفسه بغيره وهو قيل الجوهر كالجسم والنفس وعلة وجوده هو الله تعالى.
ج- في نفسه لغيره بغيره وهو العرض مثل الصورة التي تعرض الجسم.
د- وموجود في غيره وهو أضعفها قيل هو المعنى الحرفي المعبر عنه بالرابط.
والرابع موجود وله معنى في نفسه فلا يجوز القول إنه لا وجود له ولا معنى له إلا في الجملة التي يستعمل فيها بل أنا نفهم من كلمة من أو إلى أو على معانيها مستقلة وإنما لا تستعمل مستقلة إلا في الجمل مثلاً أني أفهم (رب) للتقليل سواء قلت رب أو قلت قليل والخلاصة أن الحروف وضعت للمعنى العام وموضوع له عاماً أيضاً ومستعمل فيه فيها خاص فكلمه رب معناها التقليل أي كل تقليل وموضوع له هو ايضاً كل تقليل ولكن حين الأستعمال تستعمل بالخصوص والجزيئات وهذا توجيه جديد نظن أنا خالفنا به المشهور والله العالم بالصواب.


حكم: أن الاستنباط للحكم الشرعي لا يعتمد التصور وأنما هو مخصوص بالدلالة اللفظية التصديقية إذ الإحكام هي التصديق على المواضيع أيجاباً أو استحباباً أو سلباً أثباتاً ولا يفيد مجرد تصور الأوضاع ومواضيعها وعلى التصديق تدور الأوامر الشرعية والنواهي سواء منها المعنى الحقيقي كالوجوب من الأمر والتحريم من النهي أو المجازي كالاستحباب والسخرية والتهديد والتخيير والأعراض إذا وضع قرائن على ذلك ومن هذه القاعدة فتحوا باباً غريباً عن عنوإنه فقالوا أن الوضع أختص بالتصور وليس بالتصديق وعنوا بذلك ان الدلالة ليست تابعة لارادة المتكلم يعني إنه لو كان تابعاً للإرادة فهو وضع تصريفياً أقول: أولاً أن الدليل الذي نستند عليه في استنباط الإحكام لا يسأل عن ارادة المتكلم وأنا لم نر النبي (ص) أو الإمام (ع) ولم نعلم بتمام ما يقصد ولم يسألنا الله تعالى عن ذلك خصوصاً أنا لم نر ولم نجاور عصور صدور الإحكام وإنما واجبنا ما نفهم من الألفاظ الموجودة بقرائنها المحفوظة بها و أيضاً أن أرادة المتكلم لا يدخل اللفظ بالتصديق ويخرجه عن التصور وإنما المدار على المتلقي والسامع وماذا يستفيد منه فإنه أما أن يستفيد حكماً على موضوع فهو تصديق أولاً شيء فهو تصور بدون بت بشيء عليه سلباً أو أيجاباً.
والخلاصة إنه ليس للمتكلم أن يريد غير المعنى الحقيقي للفظه والمعنى الجدي له إلا أن يضع قرينة حتى يفهم السامع ما يفهم وتكون الجملة تصديقية لديه والمعنى لا يتبع الأرادة وإنما يحمل على ظاهره ولا يسأل عن إرادة المتكلم وليس للمتكلم أن يحاسبه إذا عمل بظاهر كلامه والقائل بغير ذلك فقد عمل بلزوم وإلا يلزم.