موارد التقليد(1)

حكم:- عمل الانسان وتركه اما يستحسنه هو بدون ان ينسبه للشرع فلا يجب الرجوع إلى المراجع ولا يقلد فيه احداً سواء عمله على نحو الاستحسان أو الاستباحة أو اللزوم والضرورة فله ذلك ما لم يخالف الشرع فيترك واجباً أو يفعل حراماً واما لو ارتبط في عمل ما بالشرع ونسبه اليه فيختلف من الواجب والحرام إنهما لا بد من فتوى مفت أو يصل المكلف بنفسه إلى ادلتهما لأن له اجتهاد ودرآية بطرق الاجتهاد والا رجع إلى الافتئات على الله تعالى والتقول على الشرع وهو حرام إذا صادف خلاف الشرع من وجهين من وجه نفس التقول والادعاء على الشرع ما ليس فيه ومن وجه العمل بذلك الذي زعم إنه منه واما غير الواجبات والمحرمات فقد قال في العروة (كما يجب التقليد في الواجبات والمحرمات يجب في المستحبات والمكروهات والمباحات بل يجب تعلم حكم كل فعل يصدر منه سواء كان من العبادات أو المعاملات أو العاديات).
اقول: ان هذا الاستيعاب ليس بدقيق في ما احسب اذ اتفق المشهور على العمل بأخبار من بلغ المسماة بباب التسامح في ادلة السنن فلو توصل رأيه للاخذ بهذه الاخبار ليس من طريق التقليد بل من سماعه من بعض الخطباء والفضلاء أو من رؤيته لبعض كتب الحديث وسار عليها في مستحباته ومكروهاته وعادياته ونسب اعماله إلى الشرع فلا وجه لردعه وتحريم وابطال سيرته وهو طريق عقلائي اكثر من إنه شرعي والا فهل يأتي المجتهد فتواه من المريخ؟الا ان تقول بأن هذا نوع من الاجتهاد حصل له فإذا حصل له هذا حتى في الواجبات والمحرمات واللزوميات فهو مقبول إذا صادق الواقع وغير معذور ان لم يصب الواقع ولا فتوى مفت شيعي بل تجرأ لعدم تمامية الاجتهاد له الا في مثل مرحلة المستحبات مما فيها التسامح وكأن الائمة(ع) إلى هذه الجهة قد اشاروا في عدم تصريحهم بوجوب التقليد وقالوا(فللعوام) ولم يقولوا (فعلى العوام) واطلقوا الرجوع إلى الرواة(1) ولم يعينوا مجتهدي الروآية وامر خواصه ان يفتي الناس ولم يشيروا إلى الناس بوجوب الالتزام بقولهم نعم إنه حرم الرد عليهم وتكذيبهم وكان على الفقهاء قدس الله انفسهم لما عملوا بأخبار التسامح ان يعمموا اجازة العمل بها لمن ليس له اهلية أي غير العارف بضنون الاستنباط والا فلا يسموها ادلة التسامح.
والخلاصة إنه المهم العمل بمعرفة لا بالجمل كما في روآية كميل عن أمير المؤمنين(ع) قائلاً(يا كميل ما من حركة الا وانت محتاج فيها إلى معرفة)(2) ان قلت ان كثيراً مما يحسبه الناس إنه مستحب من روآية رأوها أو إنه مكروه من حديث طالعوه هو عند المجتهدين واجب والمكروه في نظر العامي هو حرام عند المجتهدين وبالعكس فلا يعتمد على آراء العوام بمجرد المطالعة أوالسماع لخطيب وانما لا بد من التقليد وايضاً ان كثيراً من العوام إذا رأوا مستحباً وخصوصاً إذا عرفوا مقدار الثواب فيه فعلوه وان خالف واجباً أو لازم حراماً وإذا سمعوا بمكروه تركوه وان تركوا في ضمنه واجباً أو فعلوا حراماً قلت: نحن نتكلم على نحو القضية الحقيقية والتخريج والادخال بالإحكام يحتاج إلى بحث وتفصيل والعوام ليس بهذه التفاهة غالباً نعم اسفل سفلة الناس يمكن ان يعملوا الموبقات بعنوان الواجب كالعشائر الحمقاء الجاهلة يقتلون البنات بعنوان الواجب لإنهم عار على الانسان كما يزعمون أو إذا نظرت إلى شاب أو تكلمت معه وجب شرعاً: قتلها بكل نذالة وقسوة بزعم الدفاع عن الشرف واقول ايضاً ان هذا العامي الذي يترك الواجب أو يرتكب الحرام في سبيل تطبيق المستحب أو ترك المكروه إنه لا يفرق منه الذي يأخذ المكروه أو المستحب من فتوى مرجع تام الشروط أو من كتاب حديث.


(1) بحثها في العروة في 29 من التقليد.

(2) في التوقيع من الناحية المقدسة.

(3) بيان الفقه 3/498 عن المستدرك ب7ح1 صفات القاضي.