اعتراضات على احاديث التسامح:

حكم:- النقاشات في القاعدة تدور حول السند وحول المتن وكيفية وسعة تطبيقها فمنها:
أ- إنها اخبار احاد:ورد: إنها ليست بأحاد بل هي متواترة معنى ومحفوفة بالقرائن لما عرفت من تحقق الاتفاق واستفاضة نقلها على مضمونها) اقول: قد سبق الكلام على ان الخبر إذا كان معتمداً عند الفقهاء فلا اشكال بالعمل به سواء كان واحداً أو مستفيضاً أو متواتراً والا لم ينتظم لنا دين ولم نكمل دورات فقهية واعترض ثانياً على القاعدة وهو ان الاخبار تثبت الاستحباب والثواب على مثل ذلك العمل ولم تثبت الثواب والاستحباب بنفس تلك الروآية الضعيفة فالضعيفة ضعيفة تبقى لا اعتبار لها واجاب الشيخ بما معناه بل ظاهر اخبار الباب يثبت الثواب والاستحباب للعمل الذي عمله المكلف انطلاقاً من ثبوت ما في تلك الروايات الضعيفة وصريحها(من بلغه... فعمله..) يعني فالفاء للترتيب فالعمل مرتب على نفس الخبر واعترض ثالثاً: ان الروايات تثبت شيئا من الثواب ولم تثبت اصل الرجحان للفعل والجواب ان الثواب ملازم ملازمة بينة مع اصل الرجحان خصوصاً في عقيدتنا من ان كل ما حسنه الشرع حسنه العقل والعكس بالعكس.
ورابعاً- ان هذه الاخبار معارضة بأقوى منها وهو طرح خبر الفاسق والجواب ان ادلة طرح خبر الفاسق ليس مطلقة بل هي مقيدة أو مخصصة ويرد عليها امور كثيرة مثل قاعدة اليد وسوق المسلمين وما شابه ومنه إنها مخصوصة بالإحكام اللزومية مثل الوجوب والحرمة ومثل حقوق الناس مما يسبب الندم للمتصرف في حقوق الناس بأستماعه لخبر الفاسق كما في الآية[إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ] (1) واين هذا من عمل ثواب على عمل اكثر اشكال فيه إنه لم يثبت مضمونه في ظاهر الشرع وقد اثيب العبد على انقياده واطاعته للامر الظاهر.
وخامساً- وهو اشد اعتراض وهو ان الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت بالخبر الضعيف بل ادعاء الاستحباب يكون من البدع في الإسلام وان ترك السنة أولى من فعل البدعة المحرمة واجيب بأن البدعة هو التشريع من غير استناد للشرع بوجه إنه يعلم إنه ليس من الشر أو يجهل إنه منه وليس منه ما نحن فيه وهو ان يفعل شيئاً بأحتمال طلبه بدون ان ينسب وجوبه للشرع وانما رجحإنه بسبب خبر مدعوم بأحاديث متواترة فهذا منتهى الاطاعة عقلاً وشرعاً وبسبب خوف احتمال البدعية غير بعض الفقهاء التعبير عن المستحبات التي لديهم استحبابها بقولهم افعل كذا برجاء المطلوبية ولم يصرحوا بالاستحباب الشرعي معتمدين على روايات قاعدة التسامح قولها(... فعملها رجاء ذلك الثواب) فزعموا إنهم عملوا بنص قاعدة التسامح ولم يبتلوا بالتشريع المحرم واجيب الاشكال(بأن الثواب لا يكون الا فيما يرجح فعله على تركه وليس المستحب الا ما كان كذلك وجاز تركه)(2).
واشكل عليه: ان هناك شيئين الأول من قبيل الاحتياط ومناطه احتمال المطلوبية وهذا لا يحتاج في ترتيب الثواب على صدور امر من الشرع وهو امر عقلي للتوصل إلى طلب المولى والثاني مجرد اتيان محتمل المطلوبية من دون ملاحظة كون الداعي هو الاحتمال وهذا يتوقف على امر شرعي ولا يفيد احتمال المطلوبية فإذا لم يتحقق وجود امر شرعي فلا يتحقق الثواب.
وفيه:ان اخبار قاعدة التسامح قد تكللت بأثبات الثواب والملازم للاستحباب الشرعي.
وسادساً: لو اثبتنا بأخبار من بلغه التوثق بالخبر الضعيف والعمل به لوجب العمل به فإذا تضمن وجوب شيء وجب العمل به واجيب بعبارة الشيخ: انا لو قلنا ايضاً بحجية الخبر الضعيف بهذه الاخبار فإنما نقول بحجيته في اصل رجحان الفعل دون خصوصياته من الندب أو الوجوب فإن الواجب فيها التوقف والرجوع إلى الاصول العملية كاحالة البراءة وكم من حجة شرعية يبعض في مضمونها من حيث الاخذ والطرح واهم التشكيكات كانت الاشكال بأثبات الاستحباب استناداً للحديث(رجاء ذلك الثواب) والمراجع حتى الآن بعضهم يفتون بالرجاء ولم يقولوا بالاستحباب فإنهم احدثوا حكماً شرعياً سادساً في الإسلام فإنهم فروا من خوف الابتداع إلى البدعة الأوضح تورطاً وما كانت اخبار القاعدة تستطيع ايصال الفكرة للمكلف ما لم تعبر برجاء الثواب كما قالوا بنية القربة فلا يمكن للشر ان يضعها مع الامر بالعمل العبادي بل التعبير بأحتمال الثواب يحتمل منه اعمق من ذلك وهو شرطية ان لا يحتمل الحرمة فإذا ورد شيء من الثواب على عمل بخبر ضعيف في شيء يحتمل الحرمة فالخبر ساقط واخبار القاعدة لم تقصد مثل هذه الحالة وكيف كان فقيد بعض الاحاديث (رجاء ذلك الثواب) ليس معناه ان العامل بها يلزم ان ينوي الرجاء بل المفروض ان يعمل للثواب مقابل ان يعمل بقصد اللعب واللهو أو يرجوا رؤية الناس فهو قاصد الرياء والسمعة واما نكران كون عمله مستحباً شرعاً فهذا ما لم يقصده الحديث.


(1) الحجرات 49/6.

(2) كراس الشيخ الانصاري 26.