تناقض العامة في قياسهم:

حكم:- ان المذاهب العامية العاملة بالقياس متناقضون في تخريجات قياساتهم فمن جهة إنهم لا يعترفون بالعقل ولا بالعرف العقلائي ولا يعملون بالمناط الذي يدركه العقلاء وانما الحرام ما حرمه الشرع ولو كان عدلاً بنظرنا والحلال ما احله الله ولو كان ظلماً في ادراكاتنا والواجب ما أوجبه الله ولو كان حراماً عند العقل والعقلاء وان الله له ان يرسل الانبياء إلى النار وان يرسل الشياطين إلى الجنة واخرى يقولون ان ما رأيناه علة لتعديه الحكم فهو علة شرعية ولو كان تمثيلاً سخيفاً وعلة صادرة عن جهل وعمى فنحن الذين نقول بالتعبد بما ادركه العقل ونعمل بالقبح والحسن العقليين يعني نعترف بأنا ندرك الواقعي الشرعي بل نحن نثبت الشرع ايضاً ووجوب اتباعه من عقولنا فنحن أولى بتصحيح العمل بالقياس حيث ندرك العلل الواقعية بزعمنا وهو كما ترى من زعم باطل لأنا نقول لهم:
أولاً- لعل الله جعل عله اخرى غير ما ادركتم فيكون الحكم بخلاف ما رأيتم.
ثانياً- احتمال ان العلة التي بأيديكم غير متكاملة بل ناقصة ومعها شيء اخر يتممها.
وثالثاً- احتمال انكم أضفتم شيئاً اخر حتى ضاعت العلة الواقعية وتشوشت بالدخيل.
رابعاً- احتمال ان العلة مخصوصة بموضوعها ولم يشأ الله ان تستندوا عليها في شيء اخر.
وممثل لكم على ذلك بأن العلم بمقدار الثمن يصحح البيع والجهل يبطله إنه لا يتعدى إلى النكاح ولا إلى المصالحة ولا إلى الهدية وغيرها فإن النكاح يصح مع الجهل بمقدار المهر وكذا المصالحة وكذا الهدية وكذا الوصية وكذا الوقف و... ولا ينفع عملية البر والتقسيم في عملية القياس واحتجوا بتصحيح القياس وهو ان نجمع عدة صفات للشيء المحرم أو الواجب ونعد الاحتمالات بأن حرم هذا أو وجب بسبب أي صفة منها هذه أو هذه أو هذه ونقسم بين العلل التي ادركناها حتى نصل إلى العلة الاقوى فنحكم بها والجواب انا ما دمنا لم نسمع العلة من الله ورسوله فلا يمكن ان ندرك العلل الواقعية حتى نعديها فيما وجدت فيه لأنا ملتزمون بالحديث الشريف (ان دين الله لا يصاب بالعقول) ومن الفوارق المدهشة ان عمر اكثر ما روي عنه ارتجالات شخصية قد خالف بها رسول الله ص واله ويصرح بذلك مثل قوله (ثلاث كن على عهد رسول الله وانا احرمها واعاقب عليها متعة الحج ومتعة النساء وحي على خير العمل) ومع ذلك روي عنه قوله (اياكم واصحاب الرأي فإنهم اعداء السنن اعيتهم الاحاديث ان يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا واضلوا)(1).


(1) ابطال القياس لأبن حزم 58 والمستصفى للغزالي 2/61.